للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

روى (٢٦٣٠) من الأحاديث، وهو أحد العبادلة الأربعة، وهم: ابن عمر، وابن عبّاس، وابن الزبير، وابن عمرو بن العاص - رضي الله عنه -، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ عُمَرَ) - رضي الله عنهما - (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَضَ)؛ أي: أوجب، وألزم، وما فرضه - صلى الله عليه وسلم - إلا عن أمر من الله عز وجل، قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ٣، ٤]. قال الطيبيّ: دلّ قوله: "فَرَض" على أن صدقة الفطر فريضة، والحنفيّة على أنها واجبة، قال القاري: لعدم ثبوتها بدليل قطعيّ، فهو فرض عمليُّ، لا اعتقاديّ، وقال السنديّ: الحديث من أخبار الآحاد، فمؤدّاه الظنّ، فلذلك قال بوجوبه دون افتراضه من خصّ الفرض بالقطع، والواجب بالظنّ. انتهى.

وقال ابن حجر الهيتميّ: في الحديث دليلٌ لمذهبنا، ولَمّا رأى الحنفيّة الفرق بين الفرض والواجب بأنّ الأول ما ثبت بدليل قطعيّ، والثاني ما ثبت بدليل ظنّيّ، قالوا: إن المراد بالفرض هنا الواجب، وفيه نظر؛ لأنّ هذا قطعيّ؛ لما علمت أنه مجمع عليه، فالفرض فيه باق على حاله، حتى على قواعدهم، فلا يحتاج لتأويلهم الفرض بالواجب. انتهى.

قال القاري: وفيه أن الإجماع على تقدير ثبوته إنما هو في لزوم هذا الفعل، وأما أنه على طريق الفرض، أو الواجب بناءً على اصطلاح الفقهاء المتأخّرين، فغير مسلّم، وأما قوله: ووجوبها مجمع عليه، كما حكاه المنذريّ، والبيهقيّ، فمنقوض بأن جمعاً حكوا الخلاف فيها.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حمل كلام الشارع على الحقيقة الشرعيّة ما أمكن هو المتعيّن، وأما حمله على المصطلح الحادث فغير صحيح، فإن الصحابة - رضي الله عنهم - ما كانوا يعرفون هذا الاصطلاح الحادث في الفرق بين الفرض والواجب، كما يقول به الحنفيّة، فعبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - حين قال: فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر ما كان يقصد أنه دون فرض زكاة المال، وفرض صوم رمضان، بل كان يعتقد أنه من الفروض التي كَلَّف الله تعالى بها المكلّفين، من غير فرق بين فرض، وفرض، فمن فرض صوم رمضان، هو الذي فرض زكاة رمضان.