للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحاصل أن ما ذهب إليه الأئفة الثلاثة من أن صدقة الفطر فريضة هو الحقّ، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ)؛ أي: الزكاة الواجبة عند الفطر من صوم شهر رمضان، فإضافة الزكاة إلى "الفطر" من إضافة الشيء إلى سببه، كما سبق أوّل الباب.

فـ "زكاة" منصوب على المفعوليّة لـ "فَرَضَ"، وقوله: (عَلَى النَّاسِ) متعلّق بـ "فرَضَ"، قال السنديّ: "على" بمعنى "عن"؛ إذ لا وجوب على العبد، والصغير، كما في بعض الروايات؛ إذ لا مال للعبد، ولا تكليف على الصغير، نعم يجب على العبد عند بعض، والمولى نائبٌ عنه. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: الظاهر أن "على" على بابها، فهي تدلّ على الوجوب على الجميع، فكون الأداء عن الصغير والعبد على الوليّ، والسيّد لا ينافي وجوبها عليهما، فتأمل، والله تعالى أعلم.

(صَاعاً) منصوب على البدلتة من "زكاةَ الفطر"، أو حال منه، أو "زكاة" منصوب على نزع الخافض؛ أي: في زكاة الفطر، والمفعول "صاعاً"، أفاده السنديّ - رحمه الله -، وقال السيوطيّ - رحمه الله -: قيل: إن "صاعاً" منصوب على أنه مفعول ثان، وقيل: على التمييز، وقيل: خبر "كان" محذوفاً، وقيل: على سبيل الحكاية. انتهى (١).

وقوله: (مِنْ تَمْرٍ) متعلّق بصفة لـ "صاعاً" (أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ) "أو" هنا للتخيير، فيُخيّر بين أن يخرج صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير (عَلَّى كُلَّ حُرًّ، أَوْ عَبْدٍ) ظاهره إخراج العبد عن نفسه، ولم يقل به إلا داود، فقال: يجب على السيّد أن يمكّن العبد من الاكتساب لها، كما يجب عليه أن يمكّنه من الصلاة، وخالفه أصحابه، والناس، واحتجّوا بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: "ليس على المسلم في عبده صدقة، إلا صدقة الفطر"، رواه مسلم، وقد تقدّم تمام البحث في ذلك قبل باب، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

وقوله: (ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى) مجرور على البدليّة، وظاهره وجوبها على المرأة،


(١) "شرح السندي" ٥/ ٤٧، و"شرح السيوطيّ" ٥/ ٤٧ - ٤٨.