فذكر ابن عبد البرّ أن أحمد بن خالد ذكر عن بعض شيوخه، عن يوسف القاضي، عن سليمان بن حرب، عن حمّاد، عن أيوب، فذكر فيه "من المسلمين". قال ابن عبد البرّ: وهو خطأٌ، والمحفوظ فيه عن أيوب ليس فيه "من المسلمين". انتهى.
وقد أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" من طريق عبد الله بن شَوْذَب، عن أيوب، وقال فيه أيضاً:"من المسلمين".
قال الحافظ: وذكر شيخنا سراج الدين ابن الملَقّن في "شرحه" تبعاً لمغلطاي أن البيهقيّ أخرجه من طريق أيوب بن موسى، وموسى بن عقبة، ويحيى بن سعيد، ثلاثتهم، عن نافع، وفيه الزيادة. وقد تتبعّتُ تصانيف البيهقيّ، فلم أجد فيها هذه الزيادة من رواية أحد من هؤلاء الثلاثة.
وفي الجملة ليس فيمن رَوَى هذه الزيادة أحدٌ مثلُ مالك؛ لأنه لم يُتّفق على أيوب، وعبيد الله في زيادتها، وليس في الباقين مثل يونس، لكن في الراوي عنه، وهو يحيى بن أيوب مقال. انتهى كلام الحافظ - رحمه الله -.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما سبق من أقوال الحفّاظ أن القول بأن مالكاً - رحمه الله - تفرّد بزيادة "من المسلمين" غير صحيح، فقد تابعه جماعة من الرواة الذين تقدم ذكرهم آنفاً، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في أقوال أهل العلم في حكم صدقة الفطر:
قال الإمام ابن المنذر - رحمه الله -: أجمع عوامّ أهل العلم على وجوب زكاة الفطر، وقال إسحاق -يعني ابن راهويه - هو كالإجماع من أهل العلم، وقال الخطّابيّ: قال به عامّة أهل العلم.
وقال الحافظ ابن عبد البرّ - رحمه الله -: فأما قوله في حديث ابن عمر: "فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - … " فمعناه عند أكثر أهل العلم: أوجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما أوجبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبأمر الله أوجبه، وما كان لينطق عن الهوى، فأجمعوا على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بزكاة الفطر، ثم اختلفوا في نسخها.
فقالت فرقةٌ: هي منسوخة بالزكاة، ورووا عن قيس بن سعد بن عُبَادة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بها قبل نزول الزكاة، فلما نزلت آية الزكاة لم يأمرنا