للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العبد صدقة الفطر عن نفسه، قال وليّ الدين العراقيّ: لا نعلم أحداً قال به سواه، ولم يتابعه على ذلك ابن حزم، ولا أحد من أصحابه، ويبطله قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس على المسلم في عبده، ولا في فرسه صدقةٌ، إلا صدقة الفطر في الرقيق"، والاستثناء في "صحيح مسلم" بلفظ: "إلا صدقة الفطر"، وذلك يقتضي أن زكاة الفطر ليست على العبد نفسِهِ، وإنما هي على سيّده.

قال ابن المنذر: أجمع عوامّ أهل العلم على أنّ على المرء أداء زكاة الفطر عن مملوكه الحاضر، غير المكاتب، والعبد المغصوب، والآبق، والعبد المشترى للتجارة، وقال ابن قُدامة: لا نعلم فيه خلافاً. انتهى.

قال الجامع عفا الثه تعالى عنه: ما ذهب إليه الجمهور هو الصواب، فتجب زكاة الفطر على السيّد عن عبده؛ لصحّة الحديث المتقدّم، وما استدلّ به داود من عموم حديث الباب يُقَدّم عليه خصوص هذا الحديث، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): أنهم اختلفوا في أشياء، من مسألة وجوب زكاة الفطر على السيّد عن عبده، أشار ابن المنذر - رحمه الله - في عبارته السابقة إلى بعضها، فلنذكرها:

(فمنها): العبد الغائب، فمذهب الشافعيّ وجوب فطرته، وإن لم تُعلم حياته، بل انقطع خبره، ولم يكن في طاعته، بل كان آبقاً، ولم يكن في يده، بل كان مغصوباً، ولم يعرف موضعه، بل كان ضالًّا، ويجب إخراجها عن هؤلاء في الحال، وفي هذه الصور خلاف ضعيف عندهم، وكذلك مذهب أحمد، إلا في منقطع الخبر، فإنه لم يوجب فطرته، لكنه قال: لو علم بذلك حياته لزمه الإخراج لما مضى، ولم يوجب أبو حنيفة زكاة الآبق، والأسير، والمغصوب المجحود، وعنه رواية بوجوب زكاة الآبق، وفصّل مالك، فأوجب في كلّ من المغصوب، والآبق الزكاة؛ إذا كانت غيبته قريبة، وهو يُرجَى حياته، ورجعته، فإن بعدت غيبته، وأُيس منه سقطت الزكاة عن سيّده.

قال ابن المنذر: أكثر من يُحفظ عنه من أهل العلم يرون أن تؤدّى زكاة الفطر عن الرقيق غائبهم، وحاضرهم، وهو مذهب مالك، والشافعيّ، والكوفيين، وكان ابن عمر يُخرج عن غلمانه الذين بوادي القرى وخيبر.