قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في قوله: يمتدّ وقت إخراجها قياساً إلخ نظر لا يخفى؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"من أدّاها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات"، رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد حسن، وهو ظاهر في كون ما بعد الصلاة ليس وقتاً لها، والقياس في مقابلة النصّ فاسد الاعتبار. فشْبّه. والله تعالى أعلم.
قال: ومع كون ابن حزم قد خالف الإجماع في وجوبها على الجنين، فقد تناقض كلامه، فقال: إن الصغير لا يجب على أبيه زكاة الفطر عنه، إلا أن يكون له مالٌ، فيُخرج عنه من ماله، فإن لم يكن له مالٌ لم يجب عليه حينئذ، ولا بعد ذلك، فكيف لا يوجب زكاته على أبيه، والولد حيّ موجود، ويوجبها، وهو معدوم، لم يوجد؟.
فإن قلت: يُحمل كلامه على إذا كان للحمل مالٌ. قلت: كيف يمكن أن يكون له مالٌ، وهو لا يصحّ تمليكه، ولو مات من يرثه الحمل لم نملّكه، وهو جنين، فلا يوصف بالملك إلا بعد أن يولد، وكذلك النفقة الصحيح أنها تجب للأمّ الحامل، لا للحمل، ولو كانت للحمل لسقطت بمضيّ الزمان، كنفقة القريب، وهي لا تسقط. انتهى كلام الحافظ العراقيّ رحمه الله تعالى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة العاشرة): في اختلاف أهل العلم في وجوب زكاة الفطر على الكافر:
[اعلم]: أن زيادة "من المسلمين" في حديث الباب تدلّ على اشتراط الإسلام في وجوب زكاة الفطر، ومقتضاه أنها لا تجب على الكافر، عن نفسه، وهو متّفقٌ عليه، وهل يُخرجها عن غيره، كمستولدته المسلمة مثلاً؟ نقل ابن المنذر فيه الإجماع على عدم الوجوب، لكن فيه وجه للشافعيّة، ورواية عن أحمد، وهل يُخرجها المسلم عن عبده الكافر؟ قال الجمهور: لا، خلافاً لعطاء، والنخعيّ، والثوريّ، والحنفيّة، وإسحاق، واستدلُّوا بعموم قوله:"ليس على المسلم في عبده صدقةٌ، إلا صدقة الفطر".