للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ادُّعِيَ) بضم الدال، وكسر العين، مبنيًّا لما لم يسم فاعله، وقوله: (زِيَادٌ) مرفوع على أنه نائب فاعله، أي ادعاه معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - أخًا له، وذكر أبو عمرو بن الصلاح أنه وجده مضبوطًا بخط الحافظ أبي عامر الْعَبْدريّ: "ادَّعَى" بفتح الدال مبنيًّا للفاعل، وعليه فزيادٌ مرفوع على الفاعليّة، يعني أن زيادًا هو الفاعل للدعوة، ومعنى ادّعائه تصديقه لمعاوية، وذلك أن معاوية لَمّا ادّعاه، وصدَّقه زياد صار زياد مُدَّعيًا أنه ابن أبي سفيان.

وأصل هذا أن زيادًا هذا المذكور هو المعروف بزياد بن أبي سفيان، ويقال فيه: زياد ابن أبيه، ويقال: زياد ابن أمه، وهو أخو أبي بكرة لأمه، وكان يعرف بزياد بن عُبيد الثقفيّ، ثم ادّعاه معاوية بن أبي سفيان، وألحقه بأبيه أبي سفيان، وصار من جملة أصحابه، بعد أن كان من أصحاب علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، فلهذا قال أبو عثمان لأبي بكرة: "ما هذا الذي صنعتم؟ "، وكان أبو بكرة - رضي الله عنه - ممن أنكر ذلك، وهَجَرَ بسببه زيادًا، وحلَفَ أن لا يكلمه أبدًا، قاله النوويّ (١).

وقال في "الفتح": والمراد بزياد الذي ادُّعِي هو زياد ابن سُمَيَّة، وهي أمه، كانت أمة للحارث بن كَلَدَة، زوّجها لمولاه عبيد، فأتت بزياد على فراشه، وهم بالطائف قبل أن يُسْلِم أهل الطائف، فلما كان في خلافة عمر، سمع أبو سفيان بن حرب كلام زياد، عند عمر، وكان بليغًا فأعجبه، فقال: إني لأعرف مَن وضعه في أمه، ولو شئت لسميته، ولكن أخاف من عمر، فلما ولي معاوية الخلافة، كان زياد على فارس من قبل علي - رضي الله عنه -، فأراد مداراته فأطمعه في أن يُلحِقه بأبي سفيان، فأصغى زياد إلى ذلك، فجرت في ذلك خطوب، إلى أن ادّعاه معاوية، وأمَّره على البصرة، ثم على الكوفة، وأكرمه، وسار زياد سيرته المشهورة، وسياسته المذكورة، فكان كثير من الصحابة والتابعين ينكرون ذلك على معاوية، محتجين بحديث: "الولد للفراش"، وإنما خص أبو عثمان أبا بكرة بالإنكار؛ لأن زيادًا كان أخاه من أمه (٢).

(لَقِيتُ أَبَا بَكْرَةَ) - رضي الله عنه - (فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْتُمْ؟) قال النوويّ


(١) "شرح مسلم" ٢/ ٥٢.
(٢) راجع: "الفتح" ١٢/ ٥٤.