رحمه الله تعالى: معنى هذا الكلام الإنكار على أبي بكرة - رضي الله عنه -، ولعل أبا عثمان لم يبلغه إنكار أبي بكرة حين قال له هذا الكلام، أو يكون مراده بقوله:"ما هذا الذي صنعتم؟ " أي ما هذا الذي جرى من أخيك؟ ما أقبحه! وأعظم عقوبته! فإن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حَرَّم على فاعله الجنة. انتهى.
(إِنِّي سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ) - رضي الله عنه - (يَقُولُ: سَمِعَ أُذُنَايَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) قال النوويّ: هكذا ضبطناهَ "سَمِعَ" بكسر الميم، وفتح العين، و"أذناي" بالتثنية، وكذا نَقَل الشيخ أبو عَمْرو كونه "أذناي" بالألف على التثنية، عن رواية أبي الفتح السَّمَرْقَنديّ، عن عبد الغافر، قال: وهو فيما يُعْتَمَد من أصل أبي القاسم العساكريّ وغيره: "أُذُنِي" بغير ألف.
وحَكَى القاضي عياض أن بعضهم ضبطه بإسكان الميم، وفتح العين، و"أُذُني" بلفظ الإفراد، قال: ضبطناه من طريق الْجَيَّانيّ بضم العين، مع إسكان الميم، وهو الوجه، قال سيبويه: العرب تقول: سَمْعُ أُذُني زيدًا يقول كذا، وحَكَى عن القاضي الحافظ أبي عليّ بن سكرة أنه ضَبَطَه بكسر الميم، كما ذكرناه أوّلًا، وأنكره القاضي وليس إنكاره بشيء، بل الأوجُهُ المذكورة كلُّها صحيحة ظاهرة، ويؤيد كسر الميم قوله في الرواية الأُخرى:"سمعته أذناي، ووعاه قلبي". انتهى كلام النوويّ (١).
(وَهُوَ يَقُولُ) جملة في محلّ نصب على الحال من المفعول، أو هي المفعول الثاني على قول بعض النحاة: إن "سمع" من أخوات "ظنّ" تنصب مفعولين إذا كان الثاني مما يُسْمَعُ ("مَنْ) شرطيّة (ادَّعَى) بالبناء للفاعل (أَبًا فِي الإِسْلَامِ) متعلّق بـ "ادّعى" خرج به من ادّعى، وانتسب في الجاهليّة، فإنه لا يُحرم الجنّة؛ لأن الإسلام يجُبُّ ما قبله، وإنما يبطل انتسابه فقط (غَيْرَ أَبِيهِ) منصوب على المفعوليّة لـ "ادّعَى"، وقوله:(يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، أو المفعول، واحترز به عن من ادّعى غير عالم لذلك، فإنه لا يُحرم عليه، ولا يُحرم الجنّة؛ لعدم علمه (فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ") أي ممنوعة الدخول عليه.