للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالتأخير، بل تكون دينًا عليه يجب أداؤها أبدًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في جواز تقديمها عن وقتها:

ذهب الجمهور إلى أنه يجوز تقديم إخراج صدقة الفطر قبل ليلة الفطر، ثم اختلفوا في مقدار التقديم.

فاشتهر عن الحنفيّة جواز تعجيلها من أول الحول، وعندهم في ذلك خلافٌ، فحَكَى الطحاويّ عن أصحابهم جواز تعجيلها من غير تفصيل، وذكر أبو الحسن الكرخيّ جوازها يومًا أو يومين، وروى الحسن بن زياد، عن أبي حنيفة أنه يجوز تعجيلها سنة، وسنتين، وروى هشام عن الحسن بن زياد أنه لا يجوز تعجيلها.

وعند المالكية في تقديمها بيوم إلى ثلاثة قولان.

وقال الشافعيّة: يجوز من أول شهر رمضان؛ لأنها حقّ ماليّ وجب بسببين، وهما رمضان، والفطر منه، فيجوز تقديمها على أحدهما، وهو الفطر، ولا يجوز تقديمها عليهما.

وعنهم وجهان آخران: أحدهما: يجوز إخراجها بعد طلوع الفجر الأول من رمضان، وبعده إلى آخر الشهر، ولا يجوز في الليلة الأولى؛ لأنه لم يَشرَع بعدُ في الصوم. والثاني: أنه يجوز في جميع السنة، حكاهما النوويّ في "شرح المهذّب".

وذهب أكثر الحنابلة إلى أنه لا يجوز تقديمها بأكثر من يومين، وقال بعض الحنابلة يجوز تعجيلها من بعد نصف الشهر، كما يجوز تعجيل أذان الفجر، والدفع من مزدلفة بعد نصف الليل.

وذهب ابن حزم إلى أنه لا يجوز تقديمها قبل وقتها أصلًا، ذكر هذا كلّه الحافظ وليّ الدين رحمهُ اللهُ، ونقلته بتصرّف (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي الأرجح قول من قال بجواز تقديمها يومًا، أو يومين، ولا بأس بثلاثة أيام؛ لما أخرجه البخاريّ في


(١) راجع: "طرح التثريب" ٤/ ٦٤ - ٦٥.