للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: واختَلَفَ أصحابنا في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فلا يُعط" فقال أكثرهم: لا يُعطي الزيادة، بل يعطي الواجب، وقال بعضهم: لا يعطه شيئًا أصلًا؛ لأنه يفسق بطلب الزيادة، وينعزل، فلا يُعطَى شيئًا، والله تعالى أعلم. انتهى كلام النوويّ -رحمه الله- (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله الأكثرون هو الأقرب والأظهر عندي، والله تعالى أعلم.

وفي حديث بشير ابن الْخَصَاصيّة - رضي الله عنه - قال: قلنا: يا رسول الله إن أهل الصدقة يَعْتَدون علينا، أفنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون علينا؟ فقال: "لا"، رواه أبو داود، وفي إسناده مجهول.

وفي حديث جابر بن عَتِيك - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "سيأتيكم ركب مُبَغّضون، فإذا جاؤوكم، فرحّبوا بهم، وخلّوا بينهم، وبين ما يَبتغون، فإن عَدَلُوا فلأنفسهم، وإن ظلموا فعليها، وأرضوهم، فإن تمام زكاتكم رضاهم، وليدعوا لكم"، رواه أبو داود أيضًا، وفي إسناده مجهول أيضًا (٢).

(قَالَ جَرِيرُ) بن عبد الله - رضي الله عنه - (مَا) نافية (صَدَرَ عَني مُصَدِّق) أي: ما رجع من عندي سَاعٍ، يقال: صدَرَ عن الموضع صَدْراً، من باب قتل: إذا رجع، قال الشاعر [من البسيط]:

وَلَيْلَةٍ جَعَلْتُ الصُّبْحَ مَوْعِدَهَا … صَدْرَ الْمَطِيَّةِ حَتَّى تَعْرِفَ السَّدَفَا (٣)

(مُنْذُ سَمِعْتُ هَذا) أي: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أرضوا مصدّقيكم" (مِنْ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِلَّا وَهُوَ عَنِّي رَاضٍ) يعني: أنه ما رجع من عنده ساعٍ بعد سماعه هذا الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا وهو راض عنه؛ لكونه أعطاه ما طلب، والله تعالى أعلم، وهو المستعان، وعليه التكلان.


= إذ لو فسق لانعزَلَ، ولم يجب الدفع إليه، بل لا يُجزئ، والظلم قد يكون بغير معصية، فإنَّه مجاوزة الحدّ، ويَدخُلُ في ذلك المكروهات. انتهى.
(١) "شرح مسلم" ٧/ ١٧٤ - ١٨٥.
(٢) راجع: "المنهل" ٩/ ١٨٧ - ١٨٩.
(٣) راجع: "المصباح المنير" في مادة صدر.