للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله السنديّ -رحمه الله- حسن، إلا قوله: "أو بمعنى فَعَلَ إلخ"، فإنه لا فرق بين المعنى الأول والثاني، بل الثاني نفس الأول، فما الذي دعاه إلى أن يذكره احتمالًا ثانيًا؟، فليُتَأمل، والله تعالى أعلم.

(مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ) هذا تفسير لاسم الإشارة في قوله: "هكذا إلخ". وإشارته - صلى الله عليه وسلم - إلى قُدّام، ووراء، والجانبين، فمعناه أنه يُنفق في وجوه الخير، ولا يقتصر على نوع واحد من وجوه البرّ، بل يبادر إلى أن ينفق متى حضر أمرٌ مهمّ، أفاده النوويّ (١).

(وَقَلِيل مَا هُمْ) مبتدأ مؤخّر، وخبر مقدّم، أو "قليل" مبتدأ، و "هم" فاعل سدّ مسدّ الخبر، على حدّ قول الشاعر [من الطويل]:

خَبِيرٌ بَنُو لِهْبٍ فَلَا تَكُ مُلْغِياً … مَقَالَةَ لِهْبِيٍّ إِذَا الطيْرُ مَرَّتِ (٢)

و"ما" زائدة زيدت لتأكيد القلّة.

وقال في "الفتح": قوله: "وقليل ما هم": "ما" زائدة مؤكِّدة للقلة، وَيحْتَمِل أن تكون موصوفة، ولفظ "قليل" هو الخبر، و "هم" هو المبتدأ، والتقدير: وهم قليل، وقَدَّم الخبر للمبالغة في الاختصاص. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى ضعف كون "ما" موصوفة، بل لا وجه له، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

(مَا) نافية (مِنْ) زائدة للتوكيد (صَاحِبِ إبِلٍ، وَلَا بَقَرٍ، وَلَا غنَمٍ، لَا يُؤَدي


(١) "شرح مسلم" ٧/ ٧٦.
(٢) اختَلَف البصريّون والكوفيّون في إعراب قوله: "خبيرٌ بنو لِهْبٍ"، فقال الكوفيون: "خبير" مبتدأ، و "بنو لهب" خبره؛ لأن "خبير" مفرد لا يُخبر به عن الجمع، وهو "بنو"، فردّ عليهم البصريّون بأن فَعِيلاً بمعنى فاعل يستوي فيه الواحد وغيره كالمصدر، فإنَّه كصَهِيل، ونَعِيق، نحو قوله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: ٤]، وقول الشاعر:
هُنَّ صَدِيق لِلذِي لَمْ يَشِبِ
راجع: "حاشية الخضري على شرح ابن عقيل على الخلاصة" ١/ ١٢٦.
(٣) "الفتح" ١٤/ ٥٤٤.