للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثالثة، قيل: قَيّد بالثلاث؛ لأنه لا يتهيّأ تفريق قدر أُحُد من الذهب في أقلّ منها غالبًا، ويعكُرُ عليه رواية "يوم وليلة"، فالأولى أن يقال: الثلاثة أقصى ما يُحتاج إليه في تفرقة مثل ذلك، والواحدة أقلّ ما يُمكن (١).

وقوله: (وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ) جملة حاليّة أيضًا (إِلَّا دِينَارٌ) وفي نسخة: "إلا ديناراً" بالنصب، ووجه الرفع أن قوله: "دينار" الأول في حيّز النفي، ووجه النصب أن المستثنى منه مطلق عامّ، والمستثنى مقيّد خاصّ، أفاده الطيبيّ -رحمه الله-.

(أَرْصدُهُ) أي: أَعُدّه، يقال: رَصَدته، من باب نَصَرَ: إذا قعدتَ له على طريقه تترقبه، وأرصدت له العقوبةَ: إذا أعددتها له، وحقيقته جعلتها على طريقه، كالمترقبة له، قاله في "النهاية" (٢).

وقال في "اللسان": الراصدُ بالشيء: الراقبُ له، رَصَدَه بالخير وغيره يَرْصُدُه رَصْداً، ورَصَداً: ترقبه، ورَصَدَه بالمكافأة كذلك، والترَصُّد: الترقب، قال الليث: يقال: أنا لك مُرْصِدٌ بإحسانك حتى أكافئك به، قال: والإرصاد في المكافأة بالخير، وقد جعله بعضهم في الشرّ أيضًا، وأنشد [من مشطور الرجز]:

لَاهُمَّ رَبَّ الرَّاكِبِ الْمُسَافِرِ … احْفَظْهُ لِي مِنْ أَعْيُنِ السَّوَاحِرِ

وَحَيَّةٍ تَرْصُدُ بِالْهَوَاجِرِ

فالحية لا تَرْصُدُ إلا بالشرّ، ويقال للحية التي تَرْصُد المارّة على الطريق لِتَلْسَعَ: رَصِيد، والرَّصِيد: السَّبُعُ الذي يَرْصُدُ لِيَثِبَ (٣).

(لِدَيْنِ عَلَيَّ") متعلّقٌ بـ "أرصُدُه"، و "الدَّين" بفتح الدال؛ أي: لقضاء دين واجب عليَّ؛ لأن قضاء الدين مقدّم على الصدقة المندوبة، وهذا الإرصاد أعمّ من أن يكون لصاحب دَين غائب حتى يحضُر، فيأخذه، أو لأجل وفاء دَين مؤجّل حين يَحُلّ أجله، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: رواية البخاريّ بلفظ: "لو كان لي مثلُ أحُد ذهباً ما يسُرّني أن لا


(١) "المرعاة" ٦/ ٢٨٢.
(٢) "النهاية في غريب الأثر" ٢/ ٢٢٦ بزيادة يسيرة.
(٣) "لسان العرب" ٣/ ١٧٧.