ما يخالفه بالرأي، ولو كان فيما يقتضيه الرأي توَهُّم دفع مفسدة حتى يتحقق ذلك، فيكون دفع المفسدة أولى.
٩ - (ومنها): استفهام التابع من متبوعه على ما يحصل له فائدة دينية، أو علمية، أو غير ذلك.
١٠ - (ومنها): الأخذ بالقرائن؛ لأن أبا ذرّ - رضي الله عنه - لما قال له النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَتُبْصِر أُحُداً؟ " فَهِم منه أنه يريد أن يرسله في حاجة، فنظر إلى ما على أُحُدٍ من الشَّمس؛ ليعلم هل يبقى من النهار قدر يسعها.
١١ - (ومنها): أن محل الأخذ بالقرينة إن كان في اللفظ ما يُخَصِّص ذلك، فإن الأمر وقع على خلاف ما فهمه أبو ذرّ من القرينة، فيؤخذ منه أن بعض القرائن لا يكون دالًّا على المراد، وذلك لضعفه.
١٢ - (ومنها): أن فيه المراجعةَ في العلم بما تقرَّر عند الطالب في مقابلة ما يسمعه، مما يخالف ذلك؛ لأنه تقرّر عند أبي ذرّ - رضي الله عنه - من الآيات، والآثار الواردة في وعيد أهل الكبائر بالنار، وبالعذاب، فلما سمع أن من مات لا يشرك دخل الجنة استَفْهَم عن ذلك بقوله:"وإن زنى وإن سرق"، واقتَصَرَ على هاتين الكبيرتين؛ لأنهما كالمثالين فيما يتعلق بحق الله، وحق العباد، وأما قوله في الرواية الأخرى:"وإن شرب الخمر"، فللإشارة إلى فُحْش تلك الكبيرة؛ لأنها تؤدِّي إلى خلل العقل الذي شُرِّف به الإنسان على البهائم، وبوقوع الخلل فيه قد يزول التوقي الذي يحجز عن ارتكاب بقية الكبائر.
١٣ - (ومنها): أن الطالب إذا ألحّ في المراجعة يُزْجَر بما يليق به أخذاً من قوله: "وإن رَغِم أنف أبي ذرّ".
١٤ - (ومنها): أنه قد حَمَلَ هذا الحديث البخاريّ -رحمه الله- على من تاب عند الموت، وحمله غيره على أن المراد بدخول الجنة أعمّ من أن يكون ابتداءً، أو بعد المجازاة على المعصية، والأول هو وَفْقُ ما فهمه أبو ذرّ - رضي الله عنه -، والثاني أولى؛ للجمع بين الأدلة، ففي الحديث حُجّةٌ لأهل السنة، ورَدّ على من زعم من الخوارج والمعتزلة أن صاحب الكبيرة إذا مات عن غير توبة يُخَلَّد في النار.
قال الحافظ -رحمه الله-: لكن في الاستدلال به لذلك نظر؛ لما مر من سياق