للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الوارد في النهي عن استعمال "لو" على ما يكون في أمر غير محمود شرعًا.

٢٢ - (ومنها): أنه ادَّعَى المهلَّب أن قوله في رواية الأحنف، عن أبي ذرّ: "أَتُبصِر أُحُداً؟ قال: فنظرت ما عليه من الشَّمس … " الحديث أنه ذُكِر للتمثيل في تعجيل إخراج الزكاة، وأن المراد ما أحِب أن أَحْبِس ما أوجب الله عليَّ إخراجه بقدر ما بقي من النهار.

وتعقبه القاضي عياض، فقال: هو بعيد في التأويل، وإنما السياق بَيِّنٌ في أنه - صلى الله عليه وسلم - أراد أن ينبهه على عِظَم أُحُدٍ ليضرب به المثل في أنه لو كان قدره ذهباً ما أحب أن يُؤَخَّر عنده إلا لما ذُكِر من الإنفاق، والإرصاد، فظنّ أبو ذر أنه يريد أن يبعثه في حاجة، ولم يكن ذاك مراداً إذ ذاك كما تقدم.

وقال القرطبيّ: إنما استفهمه عن رؤيته ليستحضر قدره حتى يُشَبّه له ما أراد بقوله: "لو كان لي مثله ذهباً".

٢٣ - (ومنها): ما قاله القاضي عياض -رحمه الله-: قد يَحْتَجّ به مَن يُفَضِّل الفقر على الغني، وقد يَحْتَجّ به مَن يُفَضِّل الغني على الفقر، ومأخذ كل منهما واضح من سياق الخبر.

٢٤ - (ومنها): أن فيه الحضَّ على إنفاق المال في الحياة، وفي الصحة، وترجيحه على إنفاقه عند الموت، وسيأتي فيه حديث: "أن تَصَدَّق، وأنت صحيحٌ شحيح" (١)، وذلك أن كثيرًا من الأغنياء يَشِحّ بإخراج ما عنده ما دام في عافية، فيأمل البقاء، ويخشى الفقر، فمن خالف شيطانه، وقهر نفسه؛ إيثاراً لثواب الآخرة فاز، ومَن بَخِلَ بذلك لم يَأمَنِّ الجور في الوصيَّة، وإن سَلِمَ لم يأمن تأخير تنجيز ما أوْصَى به، أو تركه، أو غير ذلك من الآفات، ولا سيما إن خلف وارثاً غير مُوَفَّق فيبذره في أسرع وقت، ويبقى وباله على الذي جمعه، والله المستعان (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) يأتي برقم (١٠٣٢).
(٢) "الفتح" ١٤/ ٥٥٥ - ٥٥٦ "كتاب الرقاق" رقم (٦٤٤٥).