للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كان في أعلى درجات الزهد في الدنيا، بحيث إنه لا يُحِبّ أن يبقى بيده شيء من الدنيا، إلا لإنفاقه فيمن يستحقه، وإما لإرصاده لمن له حقّ، وإما لتعذر من يقبل ذلك منه لتقييده في رواية همام، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بقوله: "أجد من يقبله" (١).

١٧ - (ومنها): أنه يؤخذ منه جواز تأخير الزكاة الواجبة عن الإعطاء؛ إذا لم يوجد من يستحق أخذها، وينبغي لمن وقع له ذلك أن يَعْزِل القدر الواجب من ماله، ويجتهد في حصول من يأخذه، فإن لم يجد فلا حرج عليه، ولا ينسب إلى تقصير في حبسه.

١٨ - (ومنها): أن فيه تقديمَ وفاء الدين على صدقة التطوع.

١٩ - (ومنها): جواز الاستقراض، وقيده ابن بطال باليسير؛ أخذاً من قوله: "إلا ديناراً"، قال: ولو كان عليه أكثر من ذلك لم يرصُد لأدائه ديناراً واحدًا؛ لأنه كان أحسن الناس قضاءً، قال: ويؤخذ من هذا أنه لا ينبغي الاستغراق في الدين، بحيث لا يجد له وفاءً، فيَعْجِز عن أدائه.

وتُعُقِّب بأن الذي فَهِمه من لفظ الدينار من الوحدة ليس كما فَهِم، بل إنما المراد به الجنس، وأما قوله في الرواية الأخرى: "ثلاثة دنانير"، فليست الثلاثة فيه للتقليل، بل للمثال، أو لضرورة الواقع، وقد قيل: إن المراد بالثلاثة أنها كانت كفايته فيما يحتاج إلى إخراجه في ذلك اليوم، وقيل: بل هي دينار الدَّين، كما في الرواية الأخرى: "ودينار للإنفاق على الأهل، ودينار للإنفاق على الضيف"، ثم المراد بدينار الدَّين الجنس، ويؤيده تعبيره في أكثر الطرق بالشيء على الإبهام، فيتناول القليل والكثير.

٢٠ - (ومنها): أن فيه الحثَّ على وفاء الديون، وأداء الأمانات.

٢١ - (ومنها): جواز استعمال "لو" عند تمني الخير، وحملُ الحديث


(١) هو ما أخرجه البخاريّ في "كتاب التمنّي" رقم (٧٢٢٨) فقال: حدّثنا إسحاق بن نصر، حدّثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، سمع أبا هريرة، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو كان عندي أُحُدٌ ذهباً لأحببت أن لا يأتي عليّ ثلاث، وعندي منه دينارٌ، ليس شيء أرصُدُه في دين عليّ، أَجِدُ مَن يقبله".