للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يخرج من حلمة ثدييه" بإفراد الثدي في الأول، وتثنيته في الثاني، وكلاهما صحيح (١).

(قَالَ: فَوَضَعَ الْقَوْمُ رُءُوسَهُمْ) أي: أطرقوها متخشّعين، أو مستثقلين، يدلّ عليه قوله: "إن هؤلاء لا يعقلون شيئًا"

(فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ رَجَع إِلَيْهِ شَيْئًا) أي: ما رَدُّوا عليه شيئًا مما حدَّثهم ذلك الرجل؛ لأنه صحابيّ ثقةٌ عدل عندهم، فما أخبرهم به لا يكون إلا صدقًا، أو لكراهتهم مناقشته في ذلك (قَالَ) الأحنف (فَأَدْبَرَ) أي: ولّى الرجل بعد أن أخبرهم بما ذُكر (وَاتبَعْتُهُ) أي: لأتبيّن من هو؟، ففي رواية البخاريّ: وأنا لا أدري من هو؟ (حَتَّى جَلَسَ إِلَى سَارِيةٍ) هي الأسطوانة، والجمع سَوَارٍ، مثلُ جاريةٍ وجَوَارٍ (فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ هَؤُلَاءِ إِلَّا كَرِهُوا مَا قُلْتَ لَهُمْ) لعل ذلك أنهم يرون أن الوعيد الذي ذكّرهم لا ينطبق عليهم، حيث إنهم يؤدّون الزكاة، وما أدّيت زكاته فليس بكنز، فمذهبهم خلاف مذهب أبي ذرّ -رضي الله عنه-، فهو وإن حدّثهم بالصدق، إلا أنه فهم منه الإطلاق، وهم فهموا منه التقييد بما لم تُؤدّ زكاته، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) أبو ذرّ -رضي الله عنه-، وفي نسخة: "فقال" (إِن هَؤُلَاءِ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا) بَيَّن وجه ذلك في آخر الحديث حيث قال: إنما يجمعون الدنيا … إلخ.

وفي الرواية التالية من طريق خُلَيد الْعَصَريّ، عن الأحنف، فقلت: إ من هذا؟ قالوا: هذا أبو ذرّ، فقمت إليه، فقلت: ما شيء سمعتك تقوله؟ قال: ما قلت إلا شيئا سمعته من نبيهم -صلى الله عليه وسلم-"، وفي هذه الزيادة رَدّ لقول من قال: إنه موقوف على أبي ذرّ، فلا يكون حجة على غيره، ولأحمد من طريق يزيد الباهليّ، عن الأحنف: "كنت بالمدينة، فإذا أنا برجل يَفِرّ منه الناس حين يرونه، قلت: من أنت؟ قال: أبو ذرّ، قلت: ما نفر الناس عنك؟ قال: إني أنهاهم عن الكنوز التي كان ينهاهم عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ".

(إِنَّ خَلِيلِي أَبَا الْقَاسِمِ -صلى الله عليه وسلم- دَعَانِي فَأَجَبْتُهُ، فَقَالَ: "أترَى أحُدًا؟ ") بضقتين الجبل المعروف بالمدينة، وإنما استفهمه عن رؤيته؛ لتحقّق رؤيته حتى يشبّه له


(١) "شرح النوويّ" ٧/ ٧٨.