للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حاجتك (قَالَ) أبو ذرّ -رضي الله عنه- (لَا وَرَبِّكَ لَا أَسْأَلهُمْ) "لا" الأولى نافية، والثانية مؤكّدة لها، فُصِل بينهما بالقسم، كما في قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية [النساء: ٦٥].

وقوله: (عَنْ دُنْيَا) قال النوويّ رحمه الله: هكذا هو في الأصول "عن دُنيا"، وفي رواية البخاريّ: "لا أسألهم دُنيا" بحذف "عن"، وهو الأجود؛ أي: لا أسألهم شيئًا من متاع دنياهم (١). (وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ) أي: لا أستفتيهم، وأطلب منهم أن يُفتوني عن أمرٍ دينيّ (حَتَّى ألحَقَ بِاللهِ) تعالى (وَرَسُولهِ) -صلى الله عليه وسلم-؛ أي: حتى أموت، أراد أبو ذرّ -رضي الله عنه- بذلك أنه مستغن عنهم دُنيا ودينًا، أما من حيث الدنيا، فإنه لا حاجة فيها؛ لكونه لا يأخذ منها إلا قوته، وأما من حيث الدين، فإنه أعلم منهم؛ لكونه عاش مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- طويلًا، وعلّمه من أمور الدين ما يُغنيه عن سؤال غيره، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسالتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٠/ ٢٣٠٦ و ٢٣٠٧] (٩٩٢)، و (البخاريّ) في "الزكاة" (١٤٠٧)، و (أحمد) في "مسنده" (٥/ ١٦٠ و ١٦٧ و ١٦٩)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٣٢٥٩ و ٣٢٦٠)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٣/ ٧٣ - ٧٤)، وأما فوائده فقد تقدّمت في الحديث الماضي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٣٠٧] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ، حَدَّثَنَا خُلَيْدٌ الْعَصَرِيُّ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: كنْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَمَرَّ أَبُو


(١) راجع: "شرح النوويّ" ٧/ ٧٨ - ٧٩.