للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على الإنفاق معنًى في وجوه الخير، والتبشير بالْخَلَف من فضل الله تعالى (١).

(وَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (يَمِينُ الله مَلْأَى) مبتدأ وخبره، وهو فعلى تأنيث ملآن بالنون (وَقَالَ) محمد بن عبد الله (بْنُ نُمَيْرٍ) شيخه الثاني في روايته (مَلْآنُ) بالنون، قال النوويّ رحمه الله: هكذا وقعت رواية ابن نُمير بالنون، قالوا: وهو غلطٌ منه، وصوابه "ملآى"، كما في سائر الروايات، ثم ضبطوا رواية ابن نمير من وجهين: أحدهما: إسكان اللام، وبعدها همزة، والثاني: "ملان" بفتح اللام بلا همز. انتهى (٢).

ووقع في رواية للبخاريّ "يد الله" بدل "يمين الله"، قال في "الفتح": ويُتَعقَّب برواية "يمين الله" على مَن فَسَّر اليد هنا بالنعمة، وأبعدُ منه من فسّرها بالخزائن، وقال: أَطْلق اليد على الخزائن؛ لتصرّفها فيها. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: قد أجاد صاحب "الفتح" حيث تعقّب من فسّر اليد بالنعمة، أو بالخزائن، فالحقّ أن اليد صفة ثابتة لله تعالى على ظاهرها كما يليق بجلاله، من غير تشبيه ولا تمثيل، ومن غير تأويل ولا تعطيل، فتبصّر، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

قال: وقوله: "مَلْآى" بفتح الميم، وسكون اللام، وهمزة، مع القصر: تأنيث ملآن، ووقع بلفظِ ملآن في رواية لمسلم، وقيل: هي غلط، ووَجَّهَهَا بعضهم بإرادة اليمين، فإنها تُذَكَّر وتؤنّث، وكذلك الكَفّ (٤).

قال: والمراد من قوله: ملآى، أو ملآن لازمه، وهو أنه في غاية الغنى، وعنده من الرزق ما لا نهاية له في علم الخلائق. انتهى (٥).

قال الجامع عفا الله عنه: تفسير الملء باللازم ليس صوابًا؛ إذ فيه دعوى المجاز، والحقّ أن يُفسّر بالملزوم واللازم معًا، فإن صفات الله تعالى ثابتة له حقيقةً لا مجازًا، ولا محذور في إثباتها على حقيقتها؛ لأن الملء إذأ نُسب


(١) "شرح النوويّ" ٧/ ٧٩.
(٢) "شرح النوويّ" ٧/ ٧٩.
(٣) "الفتح" ١٧/ ٣٧٣.
(٤) فقد ذكر في "المصباح" أن الكفّ مذكّر، ولا يُعرف تانيثه ممن يوثق به.
(٥) "الفتح" ١٧/ ٣٧٣.