للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى الله تعالى يكون على ما يليق به، فلا يلزم منه التشبيه، فتنبّه لهذه الدقائق، فمانها من مزالّ الأقدام، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

وقوله: (سَخَاءُ) صيغة مبالغة، من السَّحِّ، وهو الصبّ الدائم، وهو خبر ثانٍ لـ"يمين الله".

وقال النوويّ رحمه الله: ضَبَطُوا "سحاء" بوجهين: أحدهما: "سَحًّا" بالتنوين على المصدر، وهذا هو الأصح الأشهر، والثاني: حكاه القاضي "سَحَّاءُ" بالمد على الوصف، ووزنه فعلاء، صفة لليد، والسَّحّ الصبّ الدائم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الوجه الثاني هو الموجود في النسخ التي عندنا، فتنبّه.

وقال في "الفتح": قوله: "سَحَّاء" بفتح المهملتين، مُثَقَّلًا ممدودًا؛ أي: دائمةُ الصبِّ، يقال: سَحَّ بفتح أوله مثقلًا يَسُحُّ بكسر السين في المضارع، ويجوز ضمها، وضُبِطَ في مسلم "سَحًّا" بلفظ المصدر. انتهى.

وفي الرواية التالية: "سحّاءُ الليل والنهار"، والمراد عدم الانقطاع لعطائه؛ أي: هي دائمة الانصباب في الليل والنهار.

وقال السنديّ رحمه الله: قيل: ما أتمّ البلاغة، وأحسن هذه الاستعارة، فلقد نبّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهذا اللفظ على معان دقيقة:

[منها]: وَصْفُ يده تعالى في الإعطاء بالتفوّق والاستعلاء، فإن السحّ إنما يكون من عُلْو.

[ومنها]: أنها المعطية عن ظهر غنًى؛ لأن الماء إذا انصبّ من فوقُ انصبّ بسهولة.

أومئها،: جزالة عطاياه سبحانه وتعالى، فإن السحّ يُستعمل فيما ارتفع عن حدّ التقاطر إلى حدّ السيلان.

[ومنها]: أنه لا مانع لها؛ لأن الماء إذا أخذ في الانصباب من فوقُ لم يستطع أحدٌ أن يردّه. انتهى. وهو توجيه وجيه، والله تعالى أعلم.

(لَا يَغِيضهَا شَيءٌ) أي: لا يَنْقُصها شيء من الإنفاق، يقال: غاض الماءُ


(١) "شرح النوويّ" ٧/ ٨٠.