للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): الردّ على الجهميّة في إنكارهم الصفات الثابتة لله عز وجل في نصوص الكتاب والسنّة الصحيحة، وهي اليد، واليمين، وأنه تعالى يرفع القسط، ويخفضه، وكلها صفات لائقة بجلاله، ثابتة له كما أثبتها هذا النصّ الصريح الصحيح، فلا نعطّل، ولا نشبّه، ولا نؤوّل.

قال الإمام الترمذيّ رحمه الله في "جامعه" بعد إخراجه هذا الحديث ما نصّه: قال أبو عيسى: هذا حديث قد رَوَته الأئمةُ، نؤمن به كما جاء، من غير أن يُفَسَّر، أو يُتَوَهَّم، هكذا قال غيرُ واحد من الأئمة، منهم سفيان الثوريّ، ومالك بن أنس، وابن عيينة، وابن المبارك، أنه تُرْوَى هذه الأشياء، وُيؤمَنُ بها، ولا يقال: كيف؟. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: مراد الترمذيّ رحمه الله بقوله: "من غير أن يُفَسَّر" تفسير الكيفيّة، كما أوضحه آخر كلامه، فتنبّه، فإن بعض الناس يَحْمِل تفويض السلف على أنهم يفوّضون المعنى، وهذا غلطٌ عليهم، فإنهم يعلمون معنى الصفات على ظاهرها، وُيثبتونها كذلك، وإنما يجهلون، ويفوّضون معنى كيفيّتها، فتفطّن لهذه الدقيقة فإنها من مزالّ الأقدام، فقد زلّ فيها كثير ممن ينتسب إلى العلم، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٣٠٩] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الزَزَّاقِ بْنُ هَمَّامِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَخِي وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مًا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللهَ قَالَ لِي: أَنفِقْ أُنفِقْ عَلَيْكَ"، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (يَمِينُ اللهِ مَلْأَى، لَا يَغِيضُهَا، سَحَّاءُ، اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيْتُمْ مَا أنفَقَ مُذْ خَلَقَ السَّمَاءَ (١) وَالْأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَمِينِهِ، قَالَ: وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْقَبْضُ، يَرْفَعُ وَيَخْفِض").


(١) وفي نسخة: "السماوات".