للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أي: تسُحّ سحًّا، والسخ الصبّ الكثير (١).

وقوله: (اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) قال النوويّ رحمه الله: ضبطناه بوجهين: نصب "الليلَ والنهارَ"، ورفعهما، فالنصب على الظرف، والرفع على أنه فاعل.

وقال في "الفتح "؛ بالنصب على الظرفيّة؛ أي: فيهما، ويجوز الرفع، ووقع في رواية لمسلم: ة سَحُّ الليلِ والنهارِ" بالإضافة، وفتح الحاء، ويجوز ضمها. انتهى (٢).

[تنبيه]: قال الطيبيّ رحمه الله: يجوز أن تكون "ملآى"، و"لا يَغِيضها"، و"سحّاء"، و"أرأيت" على تأويل مقول فيه أخبارًا مترادفةَ و"يمين الله"، ويجوز أن تكون الثلاثة الأخيرة أوصافاَ و"ملآى"، ويجوز أن يكون "أرأيت" استئنافًا وفيه معنى الترقّي، كأنه لَمّا قيل: "ملآى" أَوْهَم جواز النقصان، فأزاله بقوله: "لا يَغِيضها شيءٌ"، وربما يمتلئ الشيءُ، ولا يغيض، فقيل: سَحَاءُ، ليؤذن بالغيضان، وقرنها بما يدلّ على الاستمرار، من ذكر الليل والنهار، ثم أتبعها بما يدلّ على أن ذلك ظاهر غير خافٍ على ذي بصر وبصيرة بعد أن انتقل من ذكر الليل والنهار إلى المدّة المتطاولة بقوله: "أرأيتم" مستأنفًا؛ لأنه خطاب عامّ، والهمزة فيه للتقرير، قال: وهذا الكلام إذا أخذته بجملته من غير نظر إلى مفرداته أبان زيادة الغنى، وكمال السعة، والنهاية في الجود، وبسط اليد في العطاء. انتهى كلامه ببعض تصرّف (٣).

وقوله: (أَرَأَيْتُمْ) بضمير الجمع، وفي رواية ابن ماجه: "أريت" بضمير المخاطب الواحد، وهو تنبيه على وضوح ذلك لمن له بصيرة.

وقوله: (مَا أنفَقَ) "ما" مصدريّة؛ أي: أتعلمون إنفاق الله تعالى (مُنْذُ خَلَقَ اللهُ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ، فَإِنَّهُ) الضمير راجع إلى الإنفاق (لَمْ يَغِضْ)، بِالغين والضاد المعجمتين، وهو بمعنى ينقص، وفاعله ضمير الإنفاق أيضًا؛ أي: لم ينقص ذلك الإنفاق (ما فِي يَمِينِهِ) "ما" هذه موصولة، وهي مع صلتها مفعول "يَغِض وفي رواية البخاريّ: "ما في يده".


(١) راجع: "المفهم" ٣/ ٣٨.
(٢) "الفتح" ١٧/ ٣٧٣.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٥٥٢ - ٥٥٣.