للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (قَالَ: وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) فيه إشارة إلى أنه لم يكن تحت العرش قبل السماوات والأرض شيء إلا الماء، وإلى أن جوده تعالى لا نهاية له، ولا حصر.

وقال في "الفتح": مناسبة ذكر العرش هنا أن السامع يتطلع من قوله: "خلق السماوات والأرض" ما كان قبل ذلك، فذَكَرَ ما يدل على أن عرشه قبل خلق السماوات والأرض كان على الماء، كما وقع في حديث عمران بن حصين -رضي الله عنهما- بلفظ: "كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السماوات والأرض". انتهى.

وقوله: (وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْقَبْضُ، يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ) قال النوويّ رحمه الله: ضبطوه بوجهين: أحدهما: "الْفَيْضُ" بالفاء والياء المثناة تحتُ، والثاني: "الْقَبْضُ" بالقاف والباء الموحدة، وذكر القاضي أنه بالقاف، وهو الموجود لأكثر الرواة، قال: وهو الأشهر والمعروف، قال: ومعنى القبض الموت، وأما الفيض بالفاء فالإحسان والعطاء والرزق الواسع، قال: وقد يكون بمعنى القبض بالقاف؛ أي: الموت، قال البكراويّ: والفيض الموت، قال القاضي: قَيْسٌ يقولون: فاضت نفسه بالضاد: إذا مات، وطَيّئٌ يقولون: فاظت نفسه بالظاء، وقيل: إذا ذكرت النفس فبالضاد، وإذا قيل: فاظ من غير ذكر النفس فبالظاء، وجاء في رواية أخرى: "وبيده الميزان، يَخْفِض ويرفع"، فقد يكون عبارةً عن الرزق ومقاديره، وقد يكون عبارة عن جملة المقادير، ومعنى "يخفض، ويرفع"، قيل؛ هو عبارة عن تقدير الرزق، يُقَتِّره على من يشاء، ويوسعه على من يشاء، وقد يكونان عبارة عن تصرف المقادير بالخلق بالعز والذل، والله أعلم. انتهى (١).

ووقع في رواية البخاريّ: "وبيده الأخرى الميزان، يخفض ويرفع"؛ أي: يخفض الميزان ويرفعها، قال الخطابيّ: الميزان مَثَلٌ والمراد القسمة بين الخلق، وإليه الإشارة بقوله: "يخفض وبرفع"، وقال الداوديّ: معنى الميزان أنه قدّر الأشياء، ووقّتها، وحددها، فلا يملك أحد نفعًا ولا ضرًّا إلا منه وبه.

وقال السنديّ رحمه الله في "شرح النسائيّ": وعنى قوله: "وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى


(١) "شرح النوويّ" ٧/ ٨١.