(عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ) وفي الرواية التالية: "أعتق غلامًا له، يقال له: يعقوب"، زاد في الرواية الآتية في "كتاب الأيمان والنذور" من طريق عمرو بن دينار، عن جابر:"لم يكن له مالٌ غيره"، وفي رواية:"دبّر رجلٌ من الأنصار غلامًا له، لم يكن له مالٌ غيره، فباعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاشتراه ابن النحّام، عبدًا قبطيًّا، مات عامَ أوّلَ، في إمارة ابن الزبير".
[تنبيه]: "المدبّر": اسم مفعول، من دبّر الرجل عبده تدبيرًا: إذا أعتقه بعد موته، ويقال: أعتق عبده عن دُبُر: أي: بعد دُبُر؛ أي: في آخر أمره، وقال في "الفتح": المدبّر: هو الذي عَلّق مالكه عتقه بموته، سُمّي بذلك؛ لأن الموت دُبُر الحياة، أو لأن فاعله دَبّر أمر دنياه وآخرته، أما دنياه، فباستمراره على الانتفاع بخدمة عبده، وأما آخرته فبتحصيل ثواب العتق، وهو راجع إلى الأول؛ لأن تدبير الأمر مأخوذ من النظر في العاقبة، فيرجع إلى دبر الأمر، وهو آخره. انتهى (١).
(فَبَلَغَ ذَلِكَ) أي: عتقه المذكور (رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم-) منصوب على المفعوليّة (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- للرجل ("أَلكَ مَالٌ غَيْرُهُ؟ "، فَقَالَ: لا) أي: قال الرجل: ليس لي مالٌ غيره.
فيه دلالة على أنّ سبب بيعه كونه لا يملك شيئًا غيره، وأصرح من هذا رواية للبخاريّ، من طريق عطاء بن أبي رباح، عن جابر:"أنّ رجلًا أعتق غلامًا له عن دبر، فاحتاج، فأخذه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "من يشريه منّي … " الحديث. ففيها التصريح بأنّ سبب بيعه هو احتياجه إلى ثمنه، وقد جاءت رواية أخرى فيها بيان أن سببه هو الدَّين، فقد أخرج الإسماعيليّ، من طريق أبي بكر بن خلّاد، عن وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، وفيه: "أعتق غلامًا له، وعليه دين"، وقد جاءت رواية أخرى بيّنت السببين معًا، فقد أخرج النسائيّ من طريق الأعمش، عن سلمة بن كهيل، بلفظ: "أنّ رجلًا من الأنصار أعتق غلامًا له عن دبر، وكان محتاجًا، وكان عليه دين، فباعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بثمانمائة درهم، فأعطاه، وقال: اقض دينك".