للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وبالرفع قرأناه على شيوخنا الأندلسيين، وقد رَوَى هذا الحرف في مسلم حمّاد بن سلمة بَرِيحا بكسر الراء وفتح الباء. انتهى (١).

(وَكَانَتْ) أي: بيرحى (مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ) أي: في مقابلته، وقال النوويّ: وهذا الموضع يُعْرَف بقصر بني جَدِيلة بفتح الجيم وكسر الدال المهملة، قبليّ المسجد، وفي "التلويح": هو موضع بقرب المسجد يُعْرَف بقصر بني حُدَيلة وضبطها بالكتابة بضم الحاء المهملة، وفتح الدال، قال في "العمدة": الصواب بالجيم. انتهى (٢).

(وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدْخُلُهَا) أي: بيرحى (وَيشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا) أي: في بيرحى (طَيِّب) بالجرّ صفة و"ماءٍ" (قَالَ أنسٌ) -رضي الله عنه- (فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قال ابن عباس -رضي الله عنها- في رواية أبي صالح: لن تنالوا ما عند الله من ثوابه في الجنة، حتى تنفقوا مما تحبون من الصدقة؛ أي: بعفما تحبون من الأموال، وقال الضحاك: يعني: لن تدخلوا الجنة حتى تنفقوا مما تحبون؛ يعني: تخرجون زكاة أموالكم طَيِّبةً بها أنفسكم، وفي رواية عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: هذه الآية منسوخة نسختها آية الزكاة، وقوله: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ} [آل عمران: ٩٢] يعني: الصدقة وصلة الرحم {فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: ٩٢] أي: ما يخفى عليه، فَيُثيبكم عليه (٣).

(قَامَ أَبُو طَلْحَةَ) -رضي الله عنه- (إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) متعلّق بحال محذوف؛ أي: قام حال كونه منتهيًا إليه -صلى الله عليه وسلم- (فَقَالَ: إِنَّ اللهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ) قال النوويّ رحمه الله: فيه دلالة للمذهب الصحيح، وقولِ الجمهور: إنه يجوز أن يقال: إن الله تعالى يقول، كما يقال: إن الله قال، وقال مُطَرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير التابعيّ، لا يقال: الله يقول، وإنما يقال: قال الله، أو الله قال، ولا يُسْتَعْمَل مضارعًا، وهذا غلطٌ، والصواب جوازه، وقد قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: ٤]، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة باستعمال ذلك، وقد أشرت إلى طرف منها في "كتاب الأذكار"، وكأن مَن كَرِهه ظَنَّ أنه


(١) "المفهم" ٣/ ٤١.
(٢) "عمدة القاري" ٩/ ٤٢.
(٣) راجع: "عمدة القاري" ٩/ ٤٢.