اثنان، صدقة وصلة"، فلم يشرَط نافلة، ولا فريضة، ولم يفرّق بين الوارث وغيره.
[الرواية الثانية]: لا يجوز دفعها إلى الْمُوَرَّثِ؛ لأنه يلزمه مؤنته، فيغنيه بزكاته عن مؤنته، ويعود نفع زكاته إليهم، فلم يجز، كدفعها إلى والده، أو قضاء دينه بها، والحديث يحتمل صدقة التطوّع، فيُحمل عليها. انتهى مختصر كلام ابن قدامة رحمه الله بتصرف.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي القول الراجح هو الأول، كما اختاره أبو عبيد، واحتجّ لى بإطلاق حديث: "الصدقةُ على المسكين إلخ"، وكذلك إطلاق حديث زينب المذكور في الباب، فإن ترك الاستفصال ينزّل منزلة العموم، كما هو مبيّن في محلّه.
والحاصل أن الحقّ جواز دفع الزكاة لعموم الأقارب، فإن صحّ الإجماع على أنه لا يجوز دفعها للوالدين -كما ادعاه ابن المنذر- قلنا به، وإلا فهما داخلان في عموم النصوص أيضًا.
قال العلامة الشوكانيّ رحمه الله: ويؤيّد الجواز، والإجزاء الحديث الذي تقدّم عند البخاريّ، بلفظ: "زوجك، وولدك أحقّ من تصدّقت عليهم"، وترك الاستفصال في مقام الاحتمال، ينزّل منزلة العموم في المقال، ثم الأصل عدم المانع، فمن زعم أن القرابة، أو وجوب النفقة مانعان، فعليه الدليل، ولا دليل. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله الشوكانيّ رحمه الله تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في جواز دفع زكاة أحد الزوجين إلى الآخر:
قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: أجمعوا على أنّ الرجل لا يعطي زوجته من الزكاة شيئًا؛ لأن نفقتها واجبةٌ عليه.
قال الصنعانيّ: وعندي فيه توقّف؛ لأن غنى المرأة بوجوب النفقة على زوجها، لا يصئرها غنيّة، الغِنَى الذي يمنع من حهلّ الزكاة لها. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله الصنعانيّ متّجهٌ؛ إذ التعليل