بوجوب نفقتها على الزوج، لا يوجب امتناع الصرف إليها؛ لأن نفقتها واجبة عليه، غنيّة كانت، أو فقيرة، فالصرف إليها لا يسقط عنه شيئًا، فتأمّل حقّ التامّل، والله تعالى أعلم.
وأما دفع الزوجة زكاتها إلى زوجها، فذهب الشافعيّ، والثوريّ، وابن المنذر، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وإحدى الروايتين عن مالك، وأحمد إلى جوازه.
وحجّتهم حديثُ زينب المذكور في الباب، ووجه الاحتجاج به أنها سالته عن الصدقة على زوجها، وعلى الأيتام في حجرها، فأجابها بأن لها أجرَ الصلة، وأجر الصدقة، ولم يستفسر، هل هي صدقة واجبة، أم تطوّعٌ؟، وترك الاستفصال في حكاية الحال ينزّل منزلة العموم في المقال.
وذهب أبو حنيفة، ومالك، وأحمد في رواية إلى منعه، واحتجّوا بانها تنتفع بدفعها إليه؛ لأنه إن كان عاجزًا عن الإنفاق عليها تمكّن باخذ الزكاة من الإنفاق فيلزمه، وإن لم يكن عاجزًا، ولكنه أيسر بها، لزمه نفقة الموسرين، فتنتفع بها في الحالين.
ورُدَّ هذا بأنه يلزم منه منع دفعها له صدقة التطوّع أيضًا؛ للعلّة المذكورة؛ مع أنه يجوز دفعها إليه اتفاقًا.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أنّ المذهب الأول هو الأرجح؛ لأمرين:
(الأول): أن الزوج داخل في الأصناف المنصوص عليها في مصارف الزكاة؛ لأنه فقير.
(الثاني): أنه ليس في المنع نصّ، ولا إجماعٌ، ولا قياس صحيح.
قال العلّامة الشوكانيّ رحمه الله: الظاهر أنه يجوز صرف زكاتها إليه:
(أما أوّلًا): فلعدم المانع من ذلك، ومن قال: إنه لا يجوز فعليه الدليل.
(وأما ثانيًا): فلأن ترك استفصاله -صلى الله عليه وسلم- لها ينزل منزلة العموم، فلما لم يستفصلها عن الصدقة، هل هي تطوّع، أم واجبٌ؟ فكانه قال: يجزي عنك فرضًا كان، أو تطوّعًا. انتهى. وهو بحث نفيس جدًّا.