ووقع في رواية حاتم بن إسماعيل عند البخاريّ بلفظ:"في عهد قريش؛ إذ عاهدوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، وأرادت بذلك ما بين الحديبية والفتح.
(وَهِيَ رَاغِبَة) جملة حاليّة (أَوْ رَاهِبَةٌ) هكذا بالشك في رواية عبد الله بن إدريس، عن هشام، وللطبرانيّ من طريق عبد الله بن إدريس المذكور:"راغبةٌ، وراهبةٌ" بالواو، وفي حديث عائشة -رضي الله عنها- عند ابن حبان:"جاءتني راغبةً وراهبةً" بالواوأيضًا، وهو يؤيد رواية الطبرانيّ.
والمعنى أنها قَدِمَت طالبة في بِرّ ابنتها لها، خائفةً من رَدّها إياها خائبةً، هكذا فسره الجمهور، ونقل المستغفريّ أن بعضهم أوّله فقال: وهي راغبة في الإسلام، فذكرها لذلك في الصحابة، وردّه أبو موسى بانه لم يقع في شيء من الروايات ما يدلّ على إسلامها، وقولها: أراغبةٌ" أي: في شيء تأخذه، وهي على شركها، ولهذا استأذنت أسماء النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في أن تصلها، ولو كانت راغبة في الإسلام لم تحتج إلى إذن. انتهى.
وقيل: معناه راغبةٌ عن ديني، أو راغبة في القرب مني، ومجاورتي، والتودُّد إليّ؛ لأنها ابتدأت أسماء بالهدية التي أحضرتها، ورَغِبت منها في المكافأة، ولو حُمِل قوله: "راغبة" أي: في الإسلام لم يستلزم إسلامها.
ووقع في رواية عيسى بن يونس، عن هشام، عند أبي داود، والإسماعيليّ: "راغمة" بالميم؛ أي: كارهة للإسلام، ولم تَقْدُم مهاجرةً.
وقال ابن بطال: قيل: معناه هاربة من قومها، وردّه بأنه أَبُو كان كذلك لكان مراغمةً، قال: وكان أبو عمرو بن العلاء يفسِّر قوله: "مُرَاغَمًا" بالخروج عن العدوّ على رغم أنفه، فَيَحْتَمِل أن يكون هذا كذلك، قال: وراغبة بالموحدة أظهر في معنى الحديث. انتهى (١).
وقال في "الفتح" في موضع آخر: قولها: "راغبةٌ" هل هو بالميم، أو الموحدة؛ قال الطيبيّ: الذي تحرر أن قولها: "راغبة" إن كان بلا قيد، فالمراد راغبة في الإسلام لا غير، هاذا قرنت بقولها: "مشركة"، أو "في عهد قريش"، فالمراد راغبة في صلتي، وإن كانت الرواية "راغمة" بالميم فمعناه: كارهةٌ للإسلام.