للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: أما التي بالموحدة فيتعين حمل المطلق فيه على المقيد، فإنه حديث واحد في قصة واحدة، ويتعين القيد من جهة أخرى، وهي أنها أَبُو جاءت راغبة في الإسلام لم تحتج أسماء أن تستأذن في صلتها؛ لشيوع التألف على الإسلام من فعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأمره فلا يحتاج إلى استئذانه في ذلك. انتهى (١).

(أفَأَصِلُهَا؟) أي: أحسن إليها بإعطاء ما طلبت من المال (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("نَعَمْ") وفي الرواية التالية: "نعم صلي أمك"، زاد في رواية البخاريّ في "كتاب الأدب " عقب حديثه عن الحميديّ، عن ابن عيينة: "قال ابن عيينة: فأنزل الله فيها، {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: ٨] "، وكذا وقع في آخر حديث عبد الله بن الزبير، ولعل ابن عيينة تلقاه منه.

ورَوَى ابن أبي حاتم، عن السُّدّيّ أنها نزلت في ناس من المشركين، كانوا ألين شيء جانباً للمسلمين، وأحسنه أخلاقًا، ولا منافاة بينهما، فإن السبب خاصّ، واللفظ عامّ، فيتناول كلَّ من كان في معنى والدة أسماء.

وقيل: نَسَخَ ذلك آيةُ الأمر بقتل المشركين حيث وجدوا، قاله في "الفتح".

قال الجامع عفا الله عنه: القول بالنسخ مما لا يخفى بعده؛ لأن قوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الآية [النساء: ٨٩] خاصّ بالمحاربين، لا يتناول المسالمين، بدليل قوله عز وجل: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} الآية [النساء: ٩٠]، وقوله: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ} الآية [التوبة: ٤]، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٤/ ٢٣٢٤ و ٢٣٢٥] (١٠٠٣)، و (البخاريّ) في


(١) "الفتح" ١٠/ ٤١٣ "كتاب الأدب".