وقال في "النهاية": "افتُلتت نفسها": أي: ماتت فَجأةً، وأُخذت نفسُها فَلْتَةً، يقال: افتلته: إذا استلبه، وافتُلت فلان بكذا: إذا فُوجئ قبل أن يستعدّ له، ويُروى بنصب "النفس"، ورفعها، فمعنى النصب: افتلتها الله نفسها، مُعدّى إلى مفعولين، كما تقول: اختلسه الشيءَ، واستلبه إياه، ثم بُني الفعل لما لم يُسمّ فاعلُهُ، فتحوّل المفعول الأول مُضمراً، وبقي الثاني منصوبًا، وتكون التاء الأخيرة ضمير الأمّ: أي: افتُلِتت هي نفسَهَا. انتهى.
وقال النوويّ رحمه الله: قوله: "افتُلِتَتْ نفسُها" ضبطناه "نفسَها"، و"نفسُها" بنصب السين ورفعها، فالرفع على أنه مفعولُ ما لم يُسَمَّ فاعلُه، والنصب على أنه مفعولٌ ثالغ، قال القاضي عياضٌ: أكثر روايتنا فيه بالنصب، وقوله:"افتُلِتت" بالفاء، هذا هو الصواب الذي رواه أهل الحديث وغيرهم، ورواه ابن قتيبة:"اقتُتِلت نفسها" بالقاف، قال: وهي كلمة تقال لمن مات فَجْأَةً، ويقال أيضًا لمن قتلته الجنّ والعشق، والصواب الفاء، قالوا: ومعناه: ماتت فَجْأَةً، وكلُّ شيء فُعِل بلا تَمَكّث، فقد افْتَلَتَ، ويقال: افْتَلَتَ الكلامَ، واقترحه، واقتضبه: إذا ارتجله. انتهى (١).
(وَلَمْ تُوصِ) قد سبق في رواية النسائيّ المذكورة سبب عدم وصيّتها، وهو أنه لا مال لها، وإنما المال لولدها سعد (وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ) أي: أَبُو اتسّع وقت مرضها، ولم يَفْجأها الموت (تَصَدَّقَتْ) أي: أوصت بالصدقة، وهذا لا ينافي ما سبق آَنفًا؛ لأنه يمكن أن يكون المعنى لأمرَته أن يتصدّق عنها، والله تعالى أعلم.
وفي رواية البخاريّ في "الوصايا" عن عبد الله بن يوسف، عن مالك:"وأُراها أَبُو تكلّمت تصدّقت"، وهو بضمّ همزة "أُراها".
قال في "الفتح": وهو يُشعر بأن رواية ابن القاسم عن مالك، عند النسائيّ، بلفظ:"وإنها أَبُو تكلّمت" تصحيفٌ، وظاهره أنها لم تتكلّم، فلم تتصدّق، لكن في "الموطّأ" عن سعيد بن عمرو بن شُرَحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة، عن أبيه، عن جذه، قال: "خرج سعد بن عبادة مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في بعض