للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والدال جميعًا، ويجوز في اللغة تخفيف الصاد. انتهى (١).

وقال القاضي عياضٌ -رحمه الله-: يَحْتَمِل تسمية هذه الأشياء صدقةً أن لها أجرًا كما للصدقة أجرٌ، وأن هذه الطاعات تماثل الصدقات في الأجور، وسماها صدقةً على طريق المقابلة، وتجنيس الكلام، أو يكون سمّاها من معناها؛ إذ في اسم الصدقة ما يدلُّ على صدق إيمان العبد وصحّته، وقيل: معناه أنها صدقة على نفسه؛ أي: بهذه الحسنات. انتهى (٢). وقال القرطبيّ -رحمه الله-: مقصود هذا الحديث أن أعمال الخير إذا حسُنت النيّات فيها تنزلت منزلة الصدقات في الأجور، ولا سيّما في حقّ من لا يقدر على الصدقة، ويُفهَم منه أن الصدقة في حقّ القادر عليها أفضل له من سائر الأعمال القاصرة على فاعلها. انتهى (٣).

(إِن بِكُل تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً) قال النوويّ -رحمه الله-: رويناه بوجهين: رفع "صدقة"، ونصبه، فالرفع على الاستئناف، والنصب عطف على "إنَّ بكل تسبيحة صدقةً". انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: حاصل ما يوجّه به النصب أن يكون قوله: "وكلِّ تكبيرةٍ" مجرورًا عطفًا على "بكلّ تسبيحة"، و"صدقةً" منصوب عطفًا على "صدقةً" الأولى، فيكون من باب العطف على معمولي عاملين مختلفين؛ لأن الواو نائب مَنَابَ "إِنَّ"، والباءِ، وفيه الخلاف بين النحاة، كما هو معلوم في محلّه، وقد لخّص اختلافهم شيخنا المناسيّ -رحمه الله- في "نظم المغني"، حيث قال:

وَإِنْ عَلَى مَعْمُولَي الْعَامِلِ جَا … عَطْفٌ فَجَائِزٌ لَدَى ذَوِي الْحَجَا

وَإِنْ لِعَامِلَيْنِ فَالنَّاسُ اخْتَلَفْ … قَالَ ابْنُ مَالِكٍ نَهَى كُلُّ السَّلَفْ

إِنْ لَمْ يَكُ الْمَجْرُورُ فِي الْمَعْطُوفِ جَا … وَالْفَارِسِيْ جَوَازَهُ قَدْ أَخْرَجَا

أَيْ مُطْلَقًا عَنْ أُمَّةٍ مِنْهُمْ يُعَدْ … أَخْفَشُهُمْ بِقِيلَ مَرْوِيًّا وَرَدْ

وَإِنْ يَكُ الْمَجْرُورُ مَعْ تَأَخُّرِ … فَمَنْعُهُ أَشْهَرُ عِنْدَ الأَكْثَرِ

وَإِنْ يَكُنْ مُقَدَّمًا … فَالأَشْهَرُ لِسِيبَوَيْهِ مَنْعُهُ مُقَرَّرُ

كَذَا الْمُبَرِّدُ مَعَ السَّرَّاجِ … هِشَامُهُمْ أَيْضًا بِذَا الْمِنْهَاجِ


(١) "شرح النوويّ" ٧/ ٩١.
(٢) راجع: "إكمال المعلم" ٣/ ٥٢٦.
(٣) "المفهم" ٣/ ٥١.