للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لُطْفًا منه وتفضّلًا. انتهى (١).

(قِيلَ: أَرَأَيتَ إِنْ لَمْ يَجِدْ؟) أي: ما يتصدّق به، وفي رواية البخاريّ: "قالوا: يا نبيّ الله، فمن لم يجد"، قال في "الفتح": كأنهم فَهِمُوا من لفظ الصدقة العطيّة، فسألوا عمن ليس عنده شيء من المال، فبيّن لهم أن المراد بالصدقة ما هوأعمّ من ذلك، ولو بإغاثة الملهوف، والأمر بالمعروف، وهل تلتحق هذه الصدقة بصدقة التطوّع التي تُحْسَب يوم القيامة من الفرض الذي أخلّ به؟ فيه نظر، الذي يظهر أنها غيرها؛ لما تبيّن من حديث عائشة -رضي الله عنها- الماضي أنها شُرعت بسبب عتق المفاصل، حيث قال في آخر هذا الحديث: "فإنه يُمسي يومئذ، وقد زَحْزَح نفسه عن النار". انتهى (٢).

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("يَعْتَمِلُ بِيَدَيْهِ) افتعال من العمل، للمبالغة، وفي رواية البخاريّ: "فيعمل" (فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ) أي: بما يكتسبه من صناعة، وتجارة، ونحوهما بإنفاقه عليها، ومن تلزمه نفقته، ويستغني بذلك عن ذلّ السؤال لغيره (وَيَتَصَدَّقُ") أي: ينفع غيره بإعطاء الصدقة، ويكتسب الأجر.

قال القسطلّانيّ: وقوله: "فيعتملُ، فينفعُ، ويتصدّقُ" برفع الثلاثة خبر بمعنى الأمر، قاله ابن مالك.

(قَالَ) أبو موسى -رضي الله عنه- (قِيلَ) أي: قال قائل للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولا يُعرف من هو؟ (أَرَأَيْتَ) أي: أخبرني (إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؟) أي: الاعتمال بيديه (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("يُعِينُ) أي: بالفعل، أو بالقول، أو بهما (ذَا الْحَاجَه) أي: صاحب الاحتياج إلى المعونة (الْمَلْهُوفَ") بالنصب نعت و"ذا الملهوف". أي: المستغيثَ، وهو أعمّ من أن يكون مظلومًا، أو عاجزًا، قاله في "الفتح".

وقال النوويّ -رحمه الله-: الملهوف عند أهل اللغة يُطلق على المتحسّر، وعلى المضطرّ، وعلى المظلوم، وقولهم: يا لَهْفَ نفسي على كذا كلمة يُتحسّر بها على ما فات، ويقال: لَهِفَ -بكسر الهاء- يَلْهَفُ -بفتحها- لَهْفًا -بإسكانها-: أي: حَزِن، وتحسّر، وكذلك التلهّف. انتهى (٣).


(١) "المفهم" ٣/ ٥٤.
(٢) راجع: الفتح ٤/ ٦٣.
(٣) شرح مسلم ٧/ ٩٥ - ٩٦.