(عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ مُحَمّدٍ رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَذكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ سُلَامَى) مبتدأ أول خبره جملة "عليه صدقة"، وهو -بضم السين المهملة، وتخفيف اللام، وفتح الميم، مقصورًا-: جمع سُلامية، وقيل: واحدة وجمعه سواءٌ، ويُجْمَع على سُلامَيَات، واختُلِف في معناها، فقيل السُّلامية الأَنْمَلة من أنامل الأصابع، وقيل: السُّلامَى كلُّ عظم مُجَوَّف من صغار العظام، وقال أبو عبيد: هو عظم يكون في فِرْسِن البعير.
قال في "الطرح": والصواب أن السُّلامَى هي المفاصل، وأنها ثلاثمائة وستون مَفْصِلًا، كما ثبت ذلك مبينًا في "صحيح مسلم" من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"إنه خُلِقَ كلُّ إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل … " الحديث المذكور قبل حديث. انتهى (١)، وقد مرّ البحث فيه قريبًا.
وقوله:(مِنَ النَّاسِ) أي: من كلّ واحد منهم، وهو متعلّق بصفة و"سُلامى"(عَلَيْهِ صَدَقَةٌ) جملة من مبتدأ وخبر خبرٌ للمبتدأ الأول، والراجع إلى المبتدأ الضمير المجرور في الخبر.
وقال في "الفتح": قوله: "عليه" مُشكِلٌ، قال ابن مالك -رحمه الله-: المعهود في "كُلّ" إذا أضيفت إلى نكرة، من خبر، وتمييز، وغيرهما، أن تجيء على وفق المضاف، نحو قوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} الآية [الأنبياء: ٣٥]، وقوله: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (٤)} [الطارق: ٤]، وهنا جاء على وفق "كلّ" في قوله: "كل سلامى عليه صدقة"، وكان القياس أن يقول: عليها صدقة؛ لأن السُّلامَى مؤنثة، لكن دلّ مجيئها في هذا الحديث على الجواز، ويَحْتَمِل أن يكون ضَمَّنَ "السُّلامَى" معنى العظم، أو الْمَفْصِل، فأعاد الضمير عليه كذلك.
والمعنى: على كل مسلم مكلّف بعدد كل مفصل من عظامه صدقة لله تعالى على سبيل الشكر له، بأن جعل عظامه مفاصل يتمكن بها من القبض