للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والبسط، وخُصَّت بالذكر؛ لما في التصرف بها من دقائق الصنائع التي اختص بها الآدمي.

وقال في "الطرح": معنى هذا الحديث أن كل عظم، أو مَفْصِل من ابن آدم عليه صدقةٌ، وإذا كان كذلك، فظاهر التعبير بقوله: "عليه" أن ذلك من الواجبات؛ لأن السنن لا توصف بأنها على المكلف.

والجواب أن هذا قد يُطْلَق في الفعل المتأكد، وإن لم يكن واجبًا، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "للمسلم على المسلم ستُّ خصال، يسلم عليه إذا لقيه … " الحديث، ومعلوم أن البداءة بالسلام سنةٌ، وإنما لم يُجعَل مجموع هذه الخصال واجبة، وإن كان بعضها من فروض الكفايات؛ لما ورد في "صحيح مسلم" من حديث أبي ذرّ -رضي الله عنه- مرفوعًا: "يصبح على كل سُلامَى من أحدكم صدقةٌ، فكل تسبيحة صدقةٌ … "، فذكر الحديث، وقال في آخره: "وُيجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى"، ومعلوم أن النوافل لا تُجزي عن الواجبات، مع الاتفاق على عدم وجوب صلاة الضحى على عموم الناس، والله أعلم.

على أنه يمكن أن تؤول هذه الأفعال المذكورة في الباب على الوجوب، كما سيأتي. انتهى (١).

(كُلُّ يَوْمٍ) منصوب على الظرفيّة، متعلّق بـ "صدقةٌ"، وقوله: (تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ) جملة في محلّ جرّ صفة لـ "يوم"، وهي صفة تخصّص اليوم عن مطلق الوقت بمعنى النهار، وقال السنديّ وصف اليوم بذلك؛ لإفادة التنصيص، كما قالوا في قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} الآية [الأنعام: ٣٨].

والحاصل أن الشيء إذا وُصف بوصف يعمّ جميع أفراده يصير نصًّا في التعميم. انتهى (٢).

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (تَعْدِلُ) وفي بعض النسخ "يعدل" بالياء التحتانيّة، وكذا باقي الأفعال؛ أي: تصلح (بَيْنَ الِاثْنَيْنِ) متحاكمين، أو متخاصمين، أو متهاجرين (صَدَقَةٌ) أي: أجره كأجر الصدقة، وقال الطيبيّ -رحمه الله-: قوله: "تعدل إلخ" أي:


(١) "طرح التثريب" ٢/ ٢٦٨.
(٢) راجع: "المرعاة" ٦/ ٣٣١.