للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تُصلح بين المتخاصمين، وتدفع ظلم الظالم، وهو مبتدأ خبره "صدقةٌ" على تأويل "أن تعدل"، فحُذف "أن" فارتفع الفعل، كما في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} الآية [الروم: ٢٤]، ونحو: "تَسْمَعُ بالمعيديّ خيرٌ من أن تراه"، ويؤيّده عطف قوله: "والكلمة الطيّبة صدقةٌ" عليه، وكذا: "وكلُّ خطوة إلخ" (١).

وقال في "الطرح": قوله: "تَعْدِل بين اثنين" يَحْتَمِل أن يراد به العدل في الأحكام من القضاة والأمراء، ويَحْتَمِل أن يراد به الإصلاح بين الناس، وإن كان من غير من له ولاية على ذلك، ولا تسليط، وهو الظاهر؛ لأن عدل القضاة والأمراء واجب لا تطوُّع، وقد أدخله البخاريّ في "صحيحه" في "باب الإصلاح بين الناس"، وإن أريد حمله على الواجب حقيقةً، فيُحْمَل على عدل الحكام. انتهى.

(وَتُعِينُ الرَّجُلَ) أي: تساعده (فِي دَابَّتِهِ) أي: دابّة الرجل، أو دابّة المعين (فَتَحْمِلُهُ) بفتح حرف المضارعة، وسكون السين المهملة، وكسر الميم؛ أي: تحمل الرجل (عَلَيْهَا) أي: على الدابّة بأن تعينه في الركوب، أو تَحْمِله كما هو، وقوله: (أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ) "أو" هنا للتنويع، وذكر في "الفتح" احتمال كونها للشكّ، والأول هو الظاهر، والله تعالى أعلم (صَدَقَةٌ) أي: له أجر الصدقة بالمال.

وقال في "الطرح": قوله: "وتعين الرجل في دابته، تحمله عليها" هو أن تُرْكِب العاجز عن الركوب على دابته، وهكذا أن تَحْمِل معه على دابته متاعه، وبَوَّب عليه البخاريّ في "صحيحه": "باب فضل من حَمَلَ متاع صاحبه في السفر"، ويمكن أن يُجعل على الوجوب في المكاري، فإنه يجب عليه إركاب الشيخ؛ لعجزه عن الركوب وحده، ويجب عليه إبراك الجمل للمرأة؛ لعجزها أو المشقة عليها في ركوب البعير قائمًا، والله أعلم. انتهى.

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (وَالْكَلِمَةُ الطَّيَّبَةُ صَدَقَةٌ) يَحْتَمِل أن يراد بها المخاطبة للناس، كأن يجيب السائل بكلمة طيبة من غير إفحاش، ونحو ذلك، وهو الظاهر، كما


(١) راجع: "الكاشف" ٥/ ١٥٤٥.