للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكلمة "مِنْ" زائدة؛ لتأكيد الاستغراق، و"يوم اسم "ما" الحجازيّة، وقوله: (يُصْبحُ الْعِبَادُ فِيهِ) صفة و"يوم".

وفي حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه-: "ما من يوم طَلَعَتْ فيه الشمسُ إلا وبجنبتيها ملكان يناديان، يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين: يا أيها الناس هَلُمُّوا إلى ربكم، إن ما قَلَّ وكَفَى خيرٌ مما كَثُر وألهى، ولا غربت شمسه إلا وبجنبتيها ملكان يناديان: اللهم أَعْطِ منفقًا خَلَفًا، وأعط ممسكًا مالًا تلفًا"، رواه أحمد.

(إِلا مَلَكَانِ) مبتدأ، خبره قوله: (يَنْزِلَانِ) أي: فيه، وهذه الجملة مع ما يتعلّق بها في محلّ الخبر لـ"ما".

وقال الطيبيّ -رحمه الله-: قوله: "ملكان" مُسْتَثْنًى من متعلّق محذوف، هو خبر "ما"، والمعنى ليس يومٌ موصوف بهذا الوصف، ينزل فيه أحدٌ، إلَّا ملكان يقولان: كيت وكيت، فحُذِف المستثنى منه، ودُل عليه بوصف الملكين، وهو "ينزلان"، ونظيره في مجيء الموصوف مع الصفة بعد "إلَّا" في الاستثناء المفرَّغ قولك: ما اخترتُ إلا رفيقًا منكم، التقدير: ما اخترتُ منكم أحدًا إلَّا رفيقًا. انتهى (١).

وفي حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه-: "إلا وبجنبتيها ملكان"، والجنبة بسكون النون: الناحيةُ (فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا) قال السنديّ -رحمه الله-: لا يقال: لا فائدة في هذا القول على تقدير عدم سماع الناس له؛ إذ لا يحصل به ترغيب، ولا ترهيبٌ بدون السماع؛ لأنا نقول تبليغ الصادق يقوم مقام السماع، فينبغي للعاقل أن يلاحظ كلّ يوم هذا الدعاء كأنه يسمعه من الملكين، فيفعل بسبب ذلك ما لو سمع من الملكين لفعل، وهذه فائدة إخبار النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بذلك، على أن المقصود بالذات الدعاء لهذا، وعلى هذا، سواءٌ عَلِموا به أم لا؟. انتهى (٢).

(اللَّهُمَّ أَعْطِ) بقطع الهمزة، من الإعطاء رباعيًّا (مُنْفِقًا) أي: منفق مال (خَلَفًا) -بفتح اللام- أي: عِوَضًا عظيمًا، وهو العوض الصالح، أو عِوَضًا في


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٥٢٣.
(٢) راجع: "المرعاة" ٦/ ٢٨٣.