للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الدنيا، وبدلًا في العقبى، قيل: أبهم الخلف؛ ليتناول المال والثواب وغيرهما، فكم من منفق مات قبل أن يقع له الخلف الماليّ، فيكون خلفه الثواب المعدّ له في الآخرة، أو يُدفَع عنه من السوء ما يقابل ذلك (١).

قال الطيبيّ -رحمه الله-: يقال: خَلَف الله لك خَلَفًا بخير، وأخلف عليك خيرًا؛ أي: أبدلك بما ذهب منك، وعوّضك منه (٢).

وقال الفيّوميّ -رحمه الله-: وأخلف عليك بالألف: رَدّ عليك مثل ما ذَهَبَ منك، وأخلف الله عليك مالك، وأخلف لك مالك، وأخلف لك بخير، وقد يُحذف الحرف، فيقال: أخلف الله عليك، ولك خيرًا، قاله الأصمعيّ، والاسم الْخَلَفُ بفتحتين، قال أبو زيد: وتقول العرب أيضًا: خَلَف الله لك بخير، وخَلَفَ عليك بخير يَخْلُفُ بغير ألف. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق أن خَلَف ثلاثيًّا، وأخلف رباعيًّا يُستعملان لمعنى عوّض، وأبدل، ولكن أخلف أكثرُ استعمالًا، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(ويقُولُ الآخَرُ: اللَهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا) أي: من يُمسك خيره عن غيره (تَلَفًا") بفتح اللام: أي: هلاكًا وضياعًا.

قال في "الفتح": التعبير بالعطية في هذا للمشاكلة؛ لأن التلف ليس بعطيّة، وأفاد حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن الكلام المذكور مُوَزَّع بينهما، فنسب إليهما في حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- نسبة المجموع إلى المجموع، وتضمنت الآية -يعني: قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥)} الآية [الليل: ٥]- الوعد بالتيسير لمن يُنفق في وجوه البرّ، والوعيد بالتعسير لعكسه، والتيسير المذكور أعمّ من أن يكون لأحوال الدنيا، أو لأحوال الآخرة، وكذا دعاء الملك بالخَلَف يَحْتَمِل الأمرين، وأما الدعاء بالتَّلَف فيَحْتَمِل تَلَف ذلك المال بعينه، أو تلف نفس صاحب المال، والمراد به فوات أعمال البرّ بالتشاغل بغيرها.


(١) "المرعاة" ٦/ ٢٨٣.
(٢) "الكاشف" ٥/ ١٥٢٣.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ١٧٩.