للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال النوويّ -رحمه الله-: الإنفاق الممدوح ما كان في الطاعات، وعلى العيال، والضيفان، والتطوعات.

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: وهو يعمّ الواجبات والمندوبات، لكن الممسك عن المندوبات لا يستحقّ هذا الدعاء، إلا أن يَغْلِب عليه البخل المذموم، بحيث لا تطيب نفسه بإخراج الحقّ الذي عليه ولو أخرجه، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في قوله في حديث أبي موسى: "طَيِّبَةً بها نفسه". انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا مُتّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٧/ ٢٣٣٦] (١٠١٠)، و (البخاريّ) في "الزكاة" (١٤٤٢)، و (البغويّ) في "شرح السنّة" (١٦٥٧)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (٩١٧٨)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٣٠٥)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٣/ ٨٨)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): أنه موافق لقوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} الآية [سبأ: ٣٩]، ولقوله: "ابن آدم أَنْفِق أُنْفِق عليك"، وهذا يعم الواجب والمندوب.

٢ - (ومنها): بيان أن الممسك يستحقّ تَلَفَ ماله، ويراد به الإمساك عن الواجبات دون المندوبات، فإنه قد لا يستحقّ هذا الدعاء، اللهم إلَّا أن يغلب عليه البخل بها، وان قَلّت في نفسها، كالحبة واللقمة، ونحوهما، فهذا قد يتناوله هذا الدعاء؛ لأنه إنما يكون كذلك لغلبة صفة البخل المذمومة عليه، وقلّما يكون كذلك إلا ويبخل بكثير من الواجبات، أو لا يطيبُ نفسًا بها، قاله القرطبيّ -رحمه الله- (٢).


(١) "الفتح" ٤/ ٢٦٩ - ٢٦٧، و"عمدة القاري" ٨/ ٣٠٧.
(٢) "المفهم" ٣/ ٥٥.