للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِهَا بِالْأَمْسِ قَبِلْتُهَا) وفي نسخة: "قبلتها منك"؛ أي: لاحتياجي إليها فيه (فَأمّا) وفي نسخة: "وأما" (الآنَ فَلَا حَاجَةَ لِي بِهَا) قال القرطبيّ -رحمه الله-: يعني: أنه قد استغنى عنها بما أخرجت الأرض، كما قال في الحديث الآتي: "تقيء الأرض أفلاذ كَبِدها أمثال الأسطوانة من الذهب"، وهذا كناية عما تُخرج الأرض من الكنوز والنَّدَرَات (١)، وهذا معنى قوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (٢)} [الزلزلة: ٢] أي: كنوزها على أحد التفسيرين، وقيل: موتاها. انتهى (٢).

(فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا") والظاهر أنّ ذلك يقع في آخر الزمان، حين يَفيض المال، كثرةً، عند قرب الساعة، ومن ثمّ أورده البخاريّ -رحمه الله- في "كتاب الفتن"؛ لأن كثرة المال من الفتن، ويدلّ عليه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال، فَيَفِيضَ، حتى يُهِتم ربَّ المال، من يقبل صدقته، وحتى يَعرِضَه، فيقول الذي يَعرِضه عليه: لا أرب لي"، متّفق عليه.

وحديثُ أبي موسى -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قال: "ليأتينّ على الناس زمان، يطوف الرجل فيه بالصدقة، من الذهب، ثم لا يجد أحدًا يأخذها منه، ويُرَى الرجلُ الواحد، يتبعه أربعون امرأة، يَلُذْنَ به، من قِلَّةِ الرجال، وكثرة النساء". متّفق عليه.

وقال ابن التين -رحمه الله-: إنما يقع ذلك بعد نزول عيسى -عليه السلام-، حين تُخرِجُ الأرض بركاتها، حتّى تُشبع الرُّمّانةُ أهلَ البيت، ولا يبقى في الأرض كافر. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله ابن التين -رحمه الله- محتمل، وَيحْتَمِل أن يكون قبل ذلك، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث حارثة بن وهب -رضي الله عنه- هذا متّفق عليه.


(١) جمع نَدْرة بفتح فسكون، وهي القطعة من الذهب توجد في المعدن.
(٢) راجع: "المفهم" ٣/ ٥٦.