للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَبَعْدَ "مَا" وَ "لَيْسَ" جّرَّ الْبَا الْخَبَرْ … وَبَعْدَ "لَا" وَنَفْي "كَان" قَدْ يُجَرْ وقوله: (مِنْ طَيِّبٍ) أي: حلالٍ، وقد يطلق الطيّب عَلى المستلَذّ بالطبع، والمراد هنا هو الحلال.

وفي رواية الشيخين: "مَن تصدّق بِعَدْل تمرة من كسب طيّب": أي: بقيمتها؛ لأنه بالفتح: المثل، وبالكسر: الِحْمل بكسر المهملة، هذا قول الجمهور، وقال الفرّاء: بالفتح: المثل من غير جنسه، وبالكسر من جنسه، وقيل: بالفتح مثله في القيمة، وبالكسر في النظر، وأنكر البصريّون هذه التفرقة، وقال الكسائيّ: هما بمعنى، كما أنّ لفظ المثل لا يختلف، وضُبط في هذه الرواية للأكثر بالفتح. انتهى (١).

وقوله: "من كسب طيّب" أي: صناعة، أو تجارة، أو زراعة، أو غيرها، ولو إرثًا، أو هبة، قال الحافظ -رحمه الله-: معنى الكسب: المكسوبُ، والمراد به ما هوأعمّ من تعاطي التكسّب، أو حصول المكسوب بغير تعاط، كالميراث، وكأنه ذكر الكسب؛ لكونه الغالب في تحصيل المال، والمراد بالطيّب الحلال؛ لأنه صفة الكسب.

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: والكسب الطيّب في هذا الحديث الحلال، وهذا كقوله تعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: ٢٦٧] وقوله: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: ٥٧] وغيره، وأصل الطيّب المستلَذّ بالطبع، ثمّ أُطلق على المطلق بالشرع. انتهى (٢).

وقال الطيبيّ -رحمه الله-: قوله: "من كسب طيّب" صفة مميّزة لـ"عدل تمرة"؛ ليمتاز الكسب الخبيث الحرام. انتهى (٣).

(وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ) جملة معترضةٌ بين الشرط والجزاء لتقرير ما قبله، وفيه دليل على أن الحلال مقبول. وقال الطيبيّ -رحمه الله-: هذه الجملة معترضة واردة على سبيل الحصر بين الشرط والجزاء تأكيدًا، وتقريرًا للمطلوب من النفقة، ولَمّا قيّد الكسب بالطيّب أتبعه اليمين؛ لمناسبةٍ بينهما في الشرف،


(١) "الفتح" ٤/ ٢٦.
(٢) "المفهم" ٣/ ٥٨ - ٥٩.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٥٤٠.