للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومن ثَمَّ كانت يده -صلى الله عليه وسلم- لطهوره. انتهى (١).

وقال السنديّ -رحمه الله-: هذه الجملة معترضة لبيان أنه لا ثواب في غير الطيّب، لا أن ثوابه دون هذا الثواب؛ إذ قد يتوهّم من التقييد أنه شرط لهذا الثواب بخصوصه، لا لمطلق الثواب، فمطلق الثواب يكون بدونه أيضًا، فذُكِرَت هذه الجملة دفعًا لهذا التوهّم. ومعنى عَدَم قبوله أنه لا يُثيب عليه، ولا يرضى به. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "ومعنى عدم القبول إلخ" فيه نظر؛ لأن هذا لازم لمعنى القبول، لا أنه مَعنَى القبول، والصواب أن القبول على ظاهر معناه على الوجه اللائق بالله -عز وجل-، كما يدلّ عليه قوله: "إلا أخذها الرحمن إلخ"، كما سيأتي بيانه قريبًا.

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: وإنما لا يقبل الله الصدقة من المال الحرام؛ لأنه غير مملوك للمتصدّق، وهو ممنوعٌ من التصرّف فيه، والتصدّق به تصرّف فيه، فلو قُبلت منه لزم أن يكون مأمورًا به منهيًّا عنه من وجه واحد، وهو محال، ولأن أكل الحرام يفسد القلوب، فتُحرَم الرّقّة، والإخلاص، فلا تقبل الأعمال، وإشارة الحديث إلى أنه لم يُقبل؛ لأنه ليس بطيّب، فانتفت المناسبة بينه وبين الطيّب بذاته. انتهى.

(إِلأ أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بيَمِينِهِ) فيه إثبات اليمين لله -عز وجل-، على ما يليق بجلاله، وهذا المذهب الحقَّ الذي عليه سلف هذه الأمة، وسيأتي تمام الكلام عليه في المسألة الرابعة -إن شاء الله تعالى-.

(وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً) قال السنديّ -رحمه الله-: و"إن" وصليّةٌ؛ أي: ولو كانت الصدقة شيئًا حقيرًا. انتهى. (فَتَرْبُو) أي: تزيد تلك الصدقة (فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ) فيه إثبات الكفّ لله تعالى أيضًا على ما يليق بجلاله -عز وجل- (حَتَّى تَكُونَ) تلك الصدقة القليلة (أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ) أي: في الثقل، وفي الرواية التالية: "حتى تكون مثل الجبل أوأعظم"، وفي رواية ابن جرير: "حتى يُوَافَى بها يوم


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٥٤٠.
(٢) "شرح السنديّ" ٥/ ٥٧.