للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التحقيق، والإنصاف، ولا تلتفت إلى ما سواه من التأويل والانحراف.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما ذُكر من نصوص هؤلاء الأئمة الأعلام أن الحقّ هو إثبات صفات الله -عز وجل- على ما جاءت به نصوص الكتاب، والسنّة الصحيحة، من غير تشبيه، ولا تمثيل، ولا تأويل، ولا تعطيل، بل على ما يليق بجلاله -عز وجل-، وهذا هو الذي أجمع عليه السلف، ومن سار على طريقتهم، وسلك سبيلهم، من أهل العلم بالكتاب والسنّة.

وأما ما نقله في "الفتح" عن المازريّ، والقاضي عياض، والزين ابن المنيّر، وغيرهم من تأويلهم حديث الباب بالتأويلات التي ياباها ظاهر النصّ، وتخالف ما كان عليه السلف، مما تقدم من إثباتهم الصفات كما وردت على المعنى اللائق به -عز وجل-، وعدم الخوض بالتأويل فأقوال لا يلتفت إليها؛ لكونها مما أحدثه المتأخّرون، مخالفين لهدي سلفهم الذي هو الحقّ الحقيق بالقبول والاتباع {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس: ٣٢]، ولقد أحسن من قال:

وَكُلُّ خَيْبرٍ فِي اتِّبَاع مَنْ سَلَفْ … وَكُلُّ شَرٍّ فِي ابْتِدَاعِ مَنْ خَلَفْ

{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨)} [آل عمران: ٨]، اللهمّ أرنا الحقّ حقًّا، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا، وارزقنا اجتنابه، اللهمّ فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم آمين، آمين، آمين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رحمه الله- المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٣٤٣] ( … ) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا يَتَصَدَّقُ أَحَدٌ بِتَمْرَةٍ (١)، مِنْ كَسْب طيِّبٍ، إِلَّا أَخَذَهَا اللهُ بِيَمِينِهِ، فَيُرَبِّيهَا، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، أَوْ قَلُوصَهُ، حَتَّى تكُون مِثْلَ الْجَبَلِ، أَوْ أَعْظَمَ").

هذا الإسناد بعينه تقدّم في الباب الماضي.


(١) وفي نسخة: "تمرةً".