للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التغذية بالحرام. انتهى (١).

(وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ) "ما" موصولة، والمراد بها أكل الحلال، وتحسين الأموال (فَقَالَ) ابتداءً بما خَتَمَ به؛ رعايةً لتقديم المرسلين، وتقدمهم على المؤمنين وجودًا ورتبةً {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١)} [المؤمنون: ٥١]) قال القاري -رحمه الله-: هذا النداء خطاب لجميع الأنبياء، لا على أنهم خوطبوا بذلك دَفْعَةً واحدةً؛ لأنهم أُرسلوا في أزمنة مختلفة، على أن كلًّا منهم خوطب به في زمانه، ويمكن أن يكون هذا النداء يوم الميثاق؛ لخصوص الأنبياء، أو باعتبار أنه تعالى ليس عنده صباح ولا مساء، وفيه تنبيهٌ نبيهٌ على أن إباحة الطيبات شرع قديم، واعتراض على الرّهبانية في رفضهم اللذات، وإماءٌ إلى أن أكل الطيب مُورث للعمل الصالح، وهو ما يتقرب به إلى الله تعالى. انتهى (٢).

(وَقَالَ) -عز وجل- ({يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا}) الأمر للإباحة، أو للوجوب، كما لوأشرف على الهلاك، أو للندب، كموافقة الضيف، والاستعانة به على الطاعة ({مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}) أي: حلالاته، أو مستلذاته، وتتمته: {وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: ١٧٢].

وفيه إشارة إلى أن الله تعالى خَلَق الأشياء كلها لعبيده، كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} الآية [البقرة: ٢٩]، وأنه خلق عبيدة لمعرفته وعبادته، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧)} [الذاريات: ٥٦، ٥٧].

(ثُمَّ ذَكَرَ) النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (الرَّجُلَ) بالنصب على المفعولية، قال القاريّ -رحمه الله-: وفي نسخة (٣) بالرفع على أنه مبتدأ، وما بعده خبره، والجملة في محل النصب على المفعولية.

قال الطيبيّ -رحمه الله-: قوله: "ثم ذَكَرَ الرجلَ" يريد الراوي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عَقَّب كلامه بذكر الرجل الموصوف؛ استبعادًا أن الله تعالى يقبل دعاء آكل


(١) "جامع العلوم" ١/ ٢٥٩ - ٢٦٠.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ٦/ ٦.
(٣) يعني: نسخة "المشكاة".