للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفيه إشارة إلى أن الدعاء بلفظ الرب مؤثِّر في الإجابة؛ لإيذانه بالاعتراف بأن وجوده فائض عن تربيته، وإحسانه، وجوده، وامتنانه ولذا حُكي عن بعضهم أنه قال: مَن حَزَبَهُ أمر، فقال خمس مرات: ربنا، نجّاه الله مما يخاف، وأعطاه ما أراد؛ لأن الله تعالى حَكَى في "آل عمران" عن أولي الألباب أنهم قالوا: ربنا خمس مرَّات، فقال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ} الآية [آل عمران: ١٩٥] (١).

(وَمَطْعَمُهُ) مصدر ميميّ بمعنى مفعول، أو اسم مكان، أو زمان طعامه، وهو مبتدأ خبره قوله: (حَرَامٌ) والجملة حالٌ من فاعل "قائلًا"، وكذا قوله: (وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ) -بضم الغين، وكسر الذال المعجمة المخففة- كذا ضبطه النوويّ -رحمه الله-، قال القاري -رحمه الله-: وفي نسخ "المصابيح" وقعت مُقَيَّدةً بالتشديد، كذا ذكره الطيبيّ -رحمه الله-، وهو كذلك في بعض نسخ "المشكاة".

والمعنى رُبِّي بالحرام؛ أي: من صغره إلى كبره، قال الأشرف -رحمه الله-: ذكر قوله: "وغُذِيَ بالحرام" بعد قوله: "ومطعمه حرام"، إما لأنه لا يلزم من كون المطعم حرامًا التغذية به، وإما تنبيهًا به على استواء حالتيه، أعني كونه منفِقًا في حال كبره، ومنفَقًا عليه في حال صغره، في وصول الحرام إلى باطنه، فأشار بقوله: "ومطعمه حرام" إلى حال كبره، وبقوله: "وغُذِي بالحرام" إلى حال صغره، وهذا دالّ على أن لا ترتيب في الواو.

وذهب المظهر -رحمه الله- إلى الوجه الثاني، ورجح الطيبيّ -رحمه الله- الوجه الأوّل، قال القاري: ولا مانع من الجمع، فيكون إشارةً إلى أن عدم إجابة الدعوة إنما هو لكونه مُصِرًّا على تلبّس الحرام، والله تعالى أعلم.

(فَأنَّى) أي: فكيف، أو فمن أين (يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ ") والاستفهام لاستبعاد

الاستجابة، قال الطيبيّ -رحمه الله-: قوله: "لذلك" يحتمل أن تكون الإشارة إلى

الرجل، كما قال تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} الآية [الأنبياء: ٨٤]، والمعنى كيف

يستجاب لذلك الرجل المتلبّس بتلك المحرّمات؟ ويحتَمِل أن تكون إلى كون


(١) راجع: "المرقاة" ٦/ ٦.