للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مطعمه ومشربه وملبسه وغذائه حرامًا، والمعنى أنى يُستجاب له لما ذُكر من تلبّسه بالمحرّمات.

وقال الأشرف -رحمه الله-: وفيه إيذان بأن حِلّ المطعم والمشرب مما تتوقف عليه إجابة الدعاء، ولذا قيل: إن للدعاء جناحين: أكل الحلال، وصدق المقال (١).

وقال ابن رجب -رحمه الله-: معنى "فأَنَّى يُستجاب لذلك": كيف يستجاب له؟ فهو استفهام وقع على وجه التعجب والاستبعاد، وليس صريحًا في استحالة الاستجابة، ومنعها بالكلية (٢).

وقال التوربشتيّ -رحمه الله-: أراد بالرجل الحاجّ الذي أثّر فيه السفر، وأخذ منه الجهد، وأصابه الشعث، وعلاه الغبرة، فطَفِقَ يدعو الله على هذه الحالة، وعنده أنهما من مظانّ الإجابة، فلا يستجاب له، ولا يعبأ ببؤسه وشَقَائه؛ لأنه متلبِّس بالحرام، صارف النفقة من غير حلها.

قال الطيبيّ -رحمه الله-: فإذا كان حال الحاجّ الذي هو في سبيل الله هذا، فما بال غيره؟ وفي معناه أمر المجاهد في سبيل الله؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "طوبى لعبد أخذ بعِنَان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه". انتهى (٣)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رحمه الله-.

[تنبيه] هذا الحديث صحيح، كما هو صنيع المصنّف -رحمه الله-، ورجاله ثقات، رجال الشيخين، غير فضيل بن مرزوق، فإنه من رجال مسلم، والأكثرون على توثيقه، فقد وثّقه سفيان الثوريّ، وابن معين، في أصحّ الروايات عنه، والعجليّ، ويعقوب بن سُفيان، وابن خراش، وقال أحمد: لا أعلم إلا خيرًا، وقال البخاريّ: مقارب الحديث، ووثّقه مسلم، حيث احتجّ به


(١) راجع: "الكاشف" ٧/ ٢٠٩٧.
(٢) "جامع العلوم والحكم" ١/ ٢٧٥.
(٣) "الكاشف" ٧/ ٢٠٩٧.