للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[والثاني]: حصول التبذّل في اللباس، والهيئة، بالشعث والإغبار، وهو أيضًا من المقتضيات لإجابة الدعاء، كما في الحديث المشهور، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- "رُبَّ أشعثَ أغبرَ ذي طِمْرين، مدفوعٍ بالأبواب، لو أقسم على الله لأبرّه" (١).

ولما خرج النبيّ -صلى الله عليه وسلم- للاستسقاء خرج متبذّلًا متواضعًا متضرّعًا (٢)، وكان مطرِّف بن عبد الله قد حُبس له ابن أخ فلبس خُلْقان ثيابه، وأخذ عُكّازًا بيده، فقيل له: ما هذا؟ قال: أَستكين لربي، لعله أن يُشَفِّعني في ابن أخي.

[الثالث]: مَدُّ يديه إلى السماء، وهو من آداب الدعاء التي يُرْجَى بسببها إجابته، وفي حديث سلمان -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تعالى حَييٌّ كَرِيم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صِفْرًا خائبتين"، خرّجه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذيّ، وابن ماجه (٣)، وروي نحوه من حديث أنس، وجابر، وغيرهما.

وكان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يرفع يديه في الاستسقاء، حتى يُرَى بياض إبطيه (٤)، ورفع يديه يوم بدر، يستنصر الله على المشركين، حتى سقط رداؤه عن منكبيه (٥).

وقد رُوي عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في صفة رفع يديه في الدعاء أنواعٌ متعددةٌ، فمنها أنه كان يشير بأصبعه السبابة فقط، وروي عنه أنه كان يفعل ذلك على المنبر (٦)، وفَعَله لَمّا رَكِب راحلته (٧).

وذهب جماعة من العلماء إلى أن دعاء القنوت في الصلاة يشير فيه بإصبعه، منهم الأوزاعيّ، وسعيد بن عبد العزيز، وإسحاق ابن راهويه، وقال


(١) رواه مسلم، وابن حبّان في "صحيحه".
(٢) أخرجه أحمد، والترمذيّ، والنسائئ، وابن ماجه، وأبو داود، من حديث ابن عبّاس -رضي الله عنهما-، وصححه ابن حبّان.
(٣) صححه ابن حبّان (٨٧٦ و ٨٨٠)، والحاكم (١/ ٤٩٧)، ووافقه الذهبيّ، وجوّد إسناده الحافظ في "الفتح" ١١/ ١٤٣.
(٤) متّفقٌ عليه.
(٥) رواه مسلم.
(٦) رواه مسلم.
(٧) رواه مسلم في حديث جابر الطويل.