وقوله:(وَلَمْ يَلْفِظْ بِشْرٌ بِالْمُطَّوِّعِينَ) أشار به إلى أن شيخه بشر بن خالد خالف يحيى بن معين في ذكر لفظة "المطّوّعين"، هذا هو ظاهر ما دلّ عليه كلامه، ولكن لم يظهر لي وجهه، فإن الحديث أخرجه البخاريّ، والنسائيّ عن بشر، وفيه لفظ "المطوّعين"، ودونك نصّ البخاريّ في "كتاب التفسير"، قال -رحمه الله-: (٤٦٦٨) - حدّثني بشر بن خالد أبو محمد، أخبرنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن أبي مسعود، قال: لما أُمِرنا بالصدقة، كنا نتحامل، فجاء أبو عَقِيل بنصف صاع، وجاء إنسان بأكثر منه، فقال المنافقون: إن الله لغني عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخر إلا رئاءً، فنزلت:{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} الآية [التوبة: ٧٩]. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي مسعود -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٢/ ٢٣٥٥ و ٢٣٥٦](١٠١٨)، و (البخاريّ) في "الزكاة"(١٤١٥ و ١٤١٦)، و"الإجارة"(٢٢٧٣)، و"التفسير"(٤٦٦٨ و ٤٦٦٩)، و (النسائيّ) في الزكاة" (٢٥٣٠)، وفي "الكبرى" (٢٣٠٩)، و (ابن ماجه) في "الزهد" (٤١٥٥)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٣/ ٩٥)، و (ابن أبي حاتم) في "تفسيره" (٦/ ١٨٥٠)، و (ابن جرير الطبريّ) في "تفسيره" (٨/ ٢١٥ و ١٠/ ١٩٦)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان فضلِ صدقةِ قليلِ المال.
٢ - (ومنها): مشروعيّة حثّ الإمام الناسَ على الصدقة لإزالة فاقة المحتاجين.