للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حديث: "واغْدُ يا أُنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها" (١)، قاله الفيّوميّ (٢).

و"الْعُسّ" -بضم العين، وتشديد السين المهملة-: هو الْقَدَحُ الكبير، قال النوويّ -رحمه الله-: هكذا ضبطناه، ورُوي "بعشاء" بشين معجمة ممدودة، قال القاضي: وهذه رواية أكثر رواة مسلم، قال: والذي سمعناه من متقني شيوخنا: "بِعُسٍّ"، وهو القَدَحُ الضَّخْم، قال: وهذا هو الصواب المعروف، قال: ورُوي من رواية الحميديّ في غير مسلم: "بعساء" بالسين المهملة، وفسَّره الحميديّ بالْعُسّ الكبير، وهو من أهل اللسان، قال: وضبطنا عن أبي مروان بن سراج بكسر العين وفتحها معًا، ولم يقيده الجيانيّ، وأبو الحسن بن أبي مروان عنه، إلا بالكسر وحده، هذا كلام القاضي.

قال النوويّ: ووقع في كثير من نسخ بلادنا، أو أكثرها، من "صحيح مسلم": "بِعَسَاء" بسين مهملة ممدودة، والعين مفتوحة. انتهى (٣).

(وَتَرُوحُ) أي: ترجع، يقال: راح يَرُوح رَوَاحًا، وتَرَوَّحَ مثله، يكون بمعنى الغُدو، وبمعنى الرجوع، وقد طابق بينهما في قوله تعالى: {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ: ١٢]؛ أي: ذهابها ورجوعها، وقد يَتَوَهَّم بعض الناس أن الرواح لا يكون إلا في آخر النهار، وليس كذلك، بل الرواح، والْغُدُوّ عند العرب يستعملان في المسير أَيَّ وقت كان من ليل أو نهار، قاله الأزهري وغيره (٤). (بِعُسٍّ) متعلّق بـ "تروح"، وقوله: (إِنَّ أَجْرَهَما لَعَظِيمٌ") بكسر همزة "إنّ" لوقوعها في الابتداء، والجملة خبر المبتدأ، كما أسلفته.

[تنبيه]: هذا الحديث لفظه عند البخاريّ: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نعم الصدقة اللّقْحَة الصَّفِيّ مِنْحَةً، والشاةُ الصَّفِيّ مِنحةً، تغدو بإناء، وتروح بآخر".

قال في "الفتح": والمنيحة بالنون والمهملة، وزن عظيمة، هي في الأصل العَطِيّة، قال أبو عبيد: المنيحة عند العرب على وجهين: أحدهما: أن يعطي الرجلُ صاحبه صِلَةً، فتكون له، والأخر أن يعطيه ناقةً، أو شاة ينتفع بحلبها،


(١) متّفقٌ عليه.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٤٣.
(٣) "شرح النوويّ" ٧/ ١٠٦.
(٤) "المصباح" ٢/ ٤٤٣.