للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واجب فكذلك العلماء؛ لأنهم ورثة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فهم يُحيُون سنّته، ويدعون الناس إليها، ويذبّون عنها وعن حريمها، فلهم الإجلال والإحترام.

٣ - (ومنها): أن الإنصات سبب لفتح باب العلم، قال سفيان الثوريّ وغيره: أوّل العلم الإستماع، ثم الإنصات، ثم الحفظ، ثم العمل، ثم النشر. وعن الأصمعيّ تقديم الإنصات على الإستماع، وقد ذكر عليّ ابن المدينيّ أنه قال لابن عُيينة: أخبرني معتمر بن سليمان، عن كَهْمَس، عن مُطرّف، قال: الإنصات من العينين، فقال ابن عيينة: وما نَدْرِي كيف ذلك؟، قال: إذا حَدَّثتَ رجلًا فلم ينظر إليك لم يكن منصتًا. انتهى.

قال الحافظ: وهذا محمول على الغالب. ذكره في "الفتح" (١).

٤ - (ومنها): بيان تحريم دم المسلم على المسلم.

٥ - (ومنها): تحذير الأمّة من وقوع ما يُحْذَر منه.

٦ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ رحمه الله تعالى: وفيه ما يدلّ على أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يَعْلَم ما يكون بعده في أمّته من الْفِتَن والتَّقاتُل، ويدلّ أيضًا على قرب وقوع ذلك من زمانه، فإنه خاطب بذلك أصحابه وظاهره أنه أرادهم؛ لأنه بهم أعنَى وعليهم أحنَى، ويَحتَمِلُ غير ذلك. انتهى (٢).

٧ - (ومنها): ما قاله المازريّ رحمه الله تعالى: أنه تعلّق بهذا الحديث من أنكر حجيّة الإجماع من أهل البدع، قال: لأنه نَهَى الأمة بأسرها عن الكفر، ولولا جواز اجتماعها عليه، لما نهاها عنه، وإذا جاز اجتماعها على الكفر، فغيره من الضلالات أولى، وإذا كان ممنوعًا اجتماعها عليه لم يصحّ النهي عنه.

وهذا الذي قاله خطأ؛ لأنّا إنما نشترط في التكليف أن يكون ممكنًا متأتّيًا من المكلّف، هذا أيضًا على رأي من منع تكليف ما لا يُطاق، واجتماع الأمة على الكفر وإن كان ممتنعًا، فإنه لم يمتنع من جهة أنه لا يمكن ولا يتأتّى، ولكن من جهة خبر الصادق عنه أنه لا يقع، وقد قال الله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ


(١) "فتح" ١/ ٤٩٣ - ٤٩٤ "كتاب العلم" حديث (١٢١).
(٢) "المفهم" ١/ ٢٥٦ "كتاب الإيمان".