دمائهم، وكفّرهم في ذلك بقتالهم لا بقولهم واعتقادهم، أو أن يَتَكَفَّرُوا في السلاح بقتل بعضهم بعضًا، أو عن كفر نعمة الله بتأليف قلوبهم، وتوادّهم، وتراحمهم الذي به صلاحهم بأن رجعوا إلى ضدّ ذلك.
وعلى سكون الباء فإنها نهي عن الكفر مجرّدًا، ثم يجيء ضرب الرقاب جواب النهي، ومجازات الكفر، ومساق الخبر، ومفهومه يدلّ على النهي عن ضرب الرقاب، والنهي عما قبله بسببه.
وقال الخطّابيّ: معناه: لا يُكفّر بعضكم بعضًا، فتستحلّوا قتال بعضكم بعضًا. انتهى كلام القاضي عياض رحمه الله تعالى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جرير - رضي الله عنه - هذا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان"[٣١/ ٢٣٠](٦٥)، و (البخاريّ) في "كتاب العلم"(١٢١) و"المغازي"(٤٤٠٥) و"الديات"(٦٨٦٩) و"الفتن"(٧٠٨٠)، و (النسائيّ) في "كتاب المحاربة"(٢٩/ ٤١٣٣ و ٤١٣٤)، وفي "الكبرى"(٢٩/ ٣٥٩٦ و ٣٥٩٧)، و (ابن ماجه) في "الفتن"(٣٩٤٢)، و (أحمد) في "مسنده"(١٨٦٨٦ و ١٨٧٣٢ و ١٨٧٧٤)، و (الدارميّ) في "سننه"(١٩٢١)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٦١)، و (أبو نُعيم) في "مستخرجه"(٢٢٢)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٥٩٤٠)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان مقاتلة المؤمنين بعضهم بعضًا، وأن ذلك ينافي الإيمان وأنه من سمة أهل الكفر.
٢ - (ومنها): أن الإنصات للعلماء والتوقير لهم لازم للمتعلّمين؛ قال الله تعالى:{لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}[الحجرات: ٢]، فتوقير النبيّ - صلى الله عليه وسلم -