للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد ثبت أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى ما لا يُعجبه، قال: "اللهمّ لك الحمد على كل حال". انتهى (١).

(لأَتصَدَّقَن بِصَدَقَةٍ) أي صدقة أخرى على مستحقّها (فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدِ) رجل (غَنِيٍّ، فَاَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ، تُصُدِّقَ) بالبناء للمفعول أيضًا (عَلَى غَنِىٍّ، قَالَ) ذلك المتصدّق (اللَهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى غَنِيٍّ) أي على تصدّقي على رجل غنيّ حيث كان بإرادتك، لا بإرادتي، قال المتصدّق أيضًا: (لأتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدِ) رجل (سَارِقٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ، تُصُدِّقَ) بالبناء للمفعول أيضًا (عَلَى سَارِقٍ) وفي رواية أبي أُميّة: "تصدّق الليلةَ على سارق"، وفي رواية ابن لهيعة: "تُصُدّق الليلة على فلان السارق"، قال الحافظ -رحمه الله-: ولم أر في شيء من الطرق تسمية أحد من الثلاثة المتصَدَّق عليهم (٢).

(فَقَالَ: اللَهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ، وَعَلَى غَنِيٍّ، وَعَلَى سَارِقٍ) أي حيث كان كله بإرادتك، فأنت المحمود في جميع أفعالك؛ حيث كان كلّها جميلًا.

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: وقول المتصدّق: "اللهم لك الحمد على زانية" إشعار بألم قلبه؛ إذ ظنّ أن صدقته لم توافق محلّها، وأن ذلك لم ينفعه، ولذلك كرّر الصدقة، فلما علم الله صحّة نيّته تقبّلها منه، وأعلمه بفوائد صدقاته. انتهى.

(فَأُتِيَ) بالبناء للمفعول؛ أي أتاه آتٍ في منامه، ففي رواية الطبرانيّ في "مسند الشاميين" عن أحمد بن عبد الوهّاب، عن أبي اليمان، عن شعيب بن أبي حمزة بهذا الإسناد: "فساءه ذلك، فأُتي في منامه". وأخرجه أبو نُعيم في "المستخرج" عنه، وكذا الإسماعيليّ من طريق عليّ بن عيّاش، عن شعيب، وفيه تعيين أحد الاحتمالات التي ذكرها ابن التين وغيره، قال الكرمانيّ: قوله: "أُتي" أي أُرِي في المنام، أو سمع هاتفًا، أو غيره، أو أخبره نبيّ، أو أفتاه عالم، وقال غيره: أوأتاه ملك، فكلّمه، فقد كانت الملائكة تكلّم بعضهم في بعض الأمور.


(١) الفتح ٤/ ٤١.
(٢) راجع: "الفتح" ٤/ ٤٠.