للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال أبو داود: الرَّطْبُ: الخبز، والْبَقْلُ، والرُّطَب (١).

ثم قال العراقيّ -رحمه الله-: أحاديث الباب منها ما يدلّ على منع المرأة أن تُنفق من بيت زوجها إلا بإذنه، وهو حديث أبي أمامة، وحديث أبي هريرة الأول، وحديث عبد الله بن عمرو، ومنها ما يدل على الإباحة، وهو حديث عائشة الأول، وحديث أسماء، ومنها ما قُيِّد فيه الترغيب في الإنفاق بكونه بطيب نفس منه، وبكونها غير مفسدة، وهوأصحها، ومنها ما هو مقيد بكونها غير مفسدة، وإن كان من غير أمره، وهو حديث أبي هريرة الثاني، ومنها ما قُيِّد الْحِلّ فيه بكونه رَطْبًا، وهو حديث سعد بن أبي وقاص.

قال العراقيّ -رحمه الله-: وكيفية الجمع بينها أن ذلك يختلف باختلاف عادات البلاد، وباختلاف حال الزوج في مسامحته بذلك، وكراهته له، وباختلاف الحال في الشيء الْمُنْفَق بين أن يكون شيئًا يسيرًا يتسامح به، وبين أن يكون له خَطَرٌ في النفس يُبْخَلُ بمثله، وبين أن يكون رَطْبًا يُخْشَى فساده إن تأخر، وبين أن يكون يُدَّخَر، ولا يخشى عليه الفساد.

فقال الخطابيّ في "المعالم" عقب حديث عائشة -رضي الله عنها-: هذا الكلام خارج على مذهب الناس بالحجاز وبغيرها من البلدان في أن رب البيت قد يأذن لأهله، وعياله، وللخادم في الإنفاق، مما يكون في البيت، من طعام، وإدام، ونحوه، وُيطْلِق أمرهم في الصدقة منه؛ إذا حضرهم السائل، ونزل بهم الضيف، فحَضهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على لزوم هذه العادة، واستدامة ذلك الصنيع، ووعدهم الأجر والثواب عليه، وأَفْرَد كلَّ واحد منهم باسمه؛ ليتسارعوا إليه، ولا يتقاعدوا عنه، قال: وليس ذلك بأن تفتات المرأة، والخازن على رب البيت بشيء، لم يُؤذن لهما فيه، ولم يُطْلَق لهما الإنفاق منه، بل يخاف أن يكونا آثمين إذا فعلا ذلك، والله أعلم.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما سبق من الأدلّة، وأقوال أهل العلم أن تصدّق المرأة، والخادم من مال الرجل جائز، لكن بشرطين:


(١) "الرَّطْبُ" الأول بفتح الراء، والثاني بضمها، وهو رُطَبُ التمر، وكذلك العنب، وسائر الفواكه الرطبة دون اليابسة، قاله في "عمدة القاري".